الطفل مدرسة

زينب بدر الشبيب

قال شاعر النيل(حافظ إبراهيم) :

الأم مدرسة إذا أعددتها                   أعددت شعباً طيب الأعراق

وأقول أنا:

الطفل مدرسة إن أعددته             أعددت جيلاً طيب الأخلاق

 لست بشاعره لأكون في مقام المعارضة الشعرية لرائعة شاعر النيل (الأم مدرسة) ، وإنما مررت بتجربة جعلتني أؤمن إيماناً قطعياً بأن الطفل هو المدرسة الثانية بعد الأم في تعليم أسس الأخلاق ، ولا أكون مبالغة إن قلت بأن الأم نفسها تستطيع أن تتعلم من طفلها دروساً في الأخلاق وذلك بملاحظة سلوكه الفطري في تعاملاته مع الآخرين، وإليكم خلاصة تجربتي التي تثبت سلامة رأيي..

قبل أيام قررت أختي الذهاب مع زوجها لأداء العمرة الرجبية وتركت  طفلها - الذي لم يكمل الحولين من عمره - أمانة عندي ، عاهدتها على صون الأمانة والمحافظة عليها، ليس هذا فقط وإنما وعدتها أيضا أن  أعطيه دروساً تعلمتها من كتب التربية الأجنبية تغير من سلوكه المشاغب وتجعل منه طفلاً مهذباً ، هادئاً قلما نجد له نظيراً  بين أطفال الجيل الحالي .

 تمنت أختي أن يتحقق ما وعدتها به ورحلت دون أن تعلم بأن (محمد) - اسم طفلها- هو من سيبادر بإعطائي الدروس!

ففي أحد الأيام وبينما كان يلعب (محمد) مع أختي - ذات الثمانية أعوام - وقع شجار بينهما كالعادة على لعبة كانت تملكها عندما كانت في مثل عمره، قدم إلي وعيناه مغرورقتان بالدموع يشكو لي ويطلب مني العون فأخبرته بأني سأعطيه لعبة أفضل منها بشرط ألا يشركها اللعب مرة أخرى ...
بعد بضع دقائق  من حادثة الشجار العنيفة التي وقعت بينهما ،أخذ مني لعبته وذهب إلى خالته الصغيرة بسرعة و عيناه ما تزالان محمرتين من أثر البكاء ، توقعتُ بأنه ذهب ليريها نصره وفوزه بحصوله على لعبة أفضل من لعبتها ، ولكن كانت المفاجأة لي حين رأيته يجلس بجانبها ليلعبا سوياً وكأن شيئاً لم يكن....
 
ابتسمت حينها للموقف فقد كان (التسامح ) الدرس الأخلاقي الأول الذي علمني إياه طفلي وأستاذي (محمد).....

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 6
1
أحمد المرهون
[ أم الحمام - القطيف ]: 15 / 7 / 2009م - 6:58 م
شكرا لك أيتها الاخت زينب

دين التوحيد هو دين الفطرة وبما أن كل إنسان مفطور على التوحيد فإنه سيكون مفطورا على أمور اخرى مترتبة على هذا الدين السمح وبما ان محمد طفلٌ فهو يعمل بفطرته الطبيعية وبما انه ينشا في بيئة صالحة لا تتنافى مع هذه الفطرة ولم يختلط بعد بالسموم الممتلئ منها هذا العالم فإنه بلا شك سيكون من أفضل المصادر للتعلم ......وهانحن امام مدرسة جديدة من مدارس الحياة المختلفة وبوابة لاتعرف المجاملة والكذب فلتنعلم منها كما تعلمت اختنا زينب درس التسامح

لكِ جزيل الشكر
2
المستقل
[ ام الحمام - القطيف ]: 16 / 7 / 2009م - 1:46 ص
الاخت العزيزه الانسان بطبعه كائن اجتماعي لا يمكن له العيش بمفرده و على هذا الاساس تحرك طفلنا العزيز بكل بساطه و بدون عقد و تحرك من خلال هذه الطبيعه . المحزن في الامر هل يا ترى هل سيستمر هذا السلوك في المستقبل عندما تبدأ مدرسة الحياة تغديه بسمومها و تبدأ تنصقل شخصيته كشاب يشعر باستقلاليته و رجولته و يسيطر عليه الشعور بالانا . و اخيرا شكرا لك و لمقالك و لدرسك الرائع و لا غرابة فأبن البط عوام .
3
ابراهيم بن علي الشيخ
[ القطيف - أم الحمام ]: 16 / 7 / 2009م - 2:56 ص
إبنتي الغالية : زينب بدر
أنت من حفز الطفل الجميل ( محمد مصطفى ) على تفعيل التسامح في ذاته الفطرية البريئة بإسلوبك الواعي في التعامل معه وخالته المملوحة (نور ) وبالرغم من الدروس البليغة التي يهديها إلينا الأطفال من حولنا إلا أن قلة من الناس (وأنت منهم ) من يلتقط تلك الإشارات الممتلئة بالمواعظ والحكم . شكراً لك ولمحمد ، ونور ، وزادك الله من فضله . ولك أجمل تحياتي .
4
زينب بدر
[ السعودية - أم الحمام ]: 16 / 7 / 2009م - 10:44 ص
السلام عليكم
الأخ أحمد المرهون
الأخ المستقل
أشكر لكما مروركما وإضافتكما القيمة
ولكني أخالفك الرأي أخي المستقل في أن الحياة تغذي الإنسان السموم فدروس الحياة بها الجميل والقبيح وهنا يأتي دور الأهل أولا في التوجيه لأخذ الحسن وترك الرديء من الدروس..

أستاذي إبراهيم الشيخ
أنرت الموضوع بإضافتك لك من إبنتك جزيل الشكر
5
المستقل
[ ام الحمام - القطيف ]: 16 / 7 / 2009م - 12:58 م
اختي الفاضله شكرا على ردك الموفق و اتفق معاك بأن التربيه لها دور كبير في تخريج جيل صالح و لكن الواقع يؤكد بأن هناك ثقافات تعاكس التيار و كما جاء في الحديت بما معناه ( كل مولود يولد على الفطره فابواه يهودانه او ينصرانه او يمجسانه ) . للاسف في عصرنا الحالي هناك مداخلات كثيره من خلال وسائل الاعلام و الاصحاب و المدرسه و المجتمع بألوانه المختلفه تعمل على اضافات فكريه بطريقه لا اراديه للانسان تصيغه بطريقه معاكسه لرغبة الاسره . عندما يتبلور للشاب قناعات معينه و يصبح له تفكير مستقل ممكن ان يرى هذا التسامح الجميل بشكل اخر بأنه تنازل يخدش بكرامته كرجل هنا الفرق بين المفهومين .اختي الفاضله عذرا على هذه المداخله و انا لا ادعي الصواب لرأيي القاصر و أنا اتعلم من الجميع على حد سواء صغيرهم قبل كبيرهم .
6
منى الشيخ ( أم بتول )
[ أم الحمام ( USA ) حاليا - القطيف ]: 20 / 7 / 2009م - 3:58 ص
عزيزتي زينب قبل لليلتين كنا مجتمعين مع أخوات حباهم الله بالعلم والفضيلة وكان محور الحديث عن التسامح وكان من ضمن الحاضرين غاليتي بتول حيث علقت وبختصار منذ إن كنا صغار والى يومنا هذا ونحن نسمع كلمة سامح تعبنا ونحن نسامح وان أتعبتنا الأيام وقلنا لا للسماح إلإ أنه يتعذر علي غير ان اسامح لأني تربيت على التسامح وأنابدوري أم فخورة لأني ربيت فلذات كبدي على التسامح حيث لا للكراهية والحقد مكان حينمانتسامح فإننا نرتقي بأنفسنا .كما أننانريحها من عناء الحسابات والضعينة .الأنقياء هم الذين يتسامحون ويستوعون و بقدر مانتسامح بفدر مانقترب من حقيقة أنفسنا خالتك ام بتول