الاقصاء وحوار البندقية

 

 

في خضم الأزمات، كيف الخلاص من عنق الزجاجة؟!، السذاجة إجابتها واضحة في تحطيم البيضة لتظفر بالذهب، جني العسل بهذه الطريقة يتم بسهولة؛ ولكن ماذا صنعنا بالخلية؟! وهل سنذوق طعم الشهد مرّة أخرى؟!عقلية بدوية بهذا الطراز مثال بارز لحركة الأحمق الذي يضر وهو يتوقع النفع، إذا غاب حوار الفرقاء في الوطن، كيف سنحاور فرقاء الخارج؟! إن صدقت النوايا طبعاَ. قلب الوطن حينما يكشف عن سوءة التحريض الطائفي فإن كريات الدم البيضاء ستنتشر؛ وسيتولد إثرها الاحتقان، فالميكروب قد يكون أعظم من الظاهرة، والتفكير الذي يموج بالعنف والإرهاب سيُغرق السفينة، وسنشاهد قراصنة جدد من أمثال طالبان وأشكال بن لادن وغيرهم، ولن تجدي نفعاً حملات : "معاً ضد الإرهاب" ما دام التكفير يتكاثر، شعارات الإرهاب واضحة اللهجة : " إن لم تجدي المواعظ؛ فالسيف خير واعظ"، بل السيف أصدق وهو القائد والزعيم، وماذا نفسر عبارة : " سنضرب بيد من حديد " ؟!

حوار البندقية إذا كان هو السائد، سيعيش الناس حالة الطوارئ وإن غيب الإعلام رصده تكتماً، حالة الرعب بإتخام الناس رصاصاً لن تُولد غير الاستياء والفوضى، فلماذا نعشق خيار التسليح؟! أولم نكن أمة رائدة في طرح الحوار خياراً لا بديل عنه؟!، رحمك الله أيها الحوار العزيز، لقد أقحمت أن تكون عنجهيا، أوليست سوريا بلداً عربيا عريقا وموطن من مواطن الفتح الإسلامي الخالد، فلماذا كان التسليح مشروعاً والإسلام دين التسامح؟!، لقد نفدت خيارات الصبر في مناورة الأسد، رغم أن الازدواجية سارية المفعول مع السلطة البحرينية المستبدة، ولعبة سفك الدماء التي  تمارس في حق أبناء القطيف !!

الفتاوى الشرعية الجاهزة تتظافر تحريضا بقتل وإزهاق روح بشار وسحق نظامه، بينما الصمت يساورها ما دامت المصلحة تتطلب السكوت والطي صفحاً ولو حُرق القرآن علناً، هذه الفتاوى تخرج مجتمعات بأكملها عن الدين وتوجب إمضاء السيف على الرقاب، مادامت توافق شهوة ولي أمر المسلمين!!، أوليس "بشار الأسد" ولياً للمسلمين هو الآخر؟! فلماذا باء تجر وباء لا نصيب لها من الجر؟!

الدين المسيس وبالٌ على أتباعه، فهذه تنظيمات القاعدة تقوم بتكليفها الشرعي، والجهاد فريضة لا يمكن محو آياتها من القرآن، فهل نلوم أحداً حينما يمارس تكليفه الديني؟!، كيف سنشاهد الحياة إذا أقرت المرجعية الشيعية جهاد الدفاع لظرف قاهر وشيك؟!، لن نبصر إلا غيمة سوداء، وكثافة دخانية كالحة، وأبرياء سحقى لا حد لهم وسط الركام !!

أين الحوار والعقلانية التي نادى بها العقلاء؟!، وهل الحل في السيف والنطع أم هو آخر العلاج؟! لماذا يستخدم الكي في بداية الطريق؟!، الدين القويم لا يقودنا نحو الدمار الشامل، وهذا يعني أن العباءة المتسولة على الدين هي السبب ولا شرعية لها، الحكمة شقيقٌ مرافق لدين السماء، ولا يصدر من الحكيم إلا الحِكم، لكن العنصرية والقبلية والمناطقية والطائفية وأخواتها شلال جارف يجتاح كل المواقع، فلو طرحنا سؤالاً: من يخلق الإنجاز في بلادنا؟! سنجد أن عقرب الولاء يتقدم المسيرة وإن كان أعرجاً أعوراً أفقماً مقطوع الوتين، والكفاءة تغيب بسقوط قرصها خلف الحجب قبل حلول المغيب!!

لنقرأ الأسماء ذات المناصب الفاخرة في هذا الوطن، سنجد أن عرقاً جامعا يجمعها، وولاءً معتقاً منقطع النظير يلفها، أو بين هذا وذاك، وأصحاب الوعي والكفاءة والرشاد من أصقاع أمتنا غائبة عن مسرح الفاعلية، ولو قدموا حظهم قدموهم، إلا أن " كلٌّ ميسر لما خلق له "، فهل سيُحتفى بأبناء البطة السوداء، وأبناء البجع والإوز حاضرون؟!، حتى في معارك الفقه لا يقدم التيمم والماء موجود !!