غربةٌ عمرها عشرون
محمد جاسم الكرانات هو الطفل الذي كان يجر رجليه جرا أثناء لهوه مع أطفال حيِّنا غير آبهٍ بكل هذه الأوجاع هو نفسه الشاب الذي صعقني خبر وفاته قبل أيام إثر مضاعفات ورميّة في نفس الرجل التي أودى بها خطأ طبي أتى على طفولته وشبابه وعمره.
غربةٌ تسألني عنك
وتمشي بي إلى حد الغيابْ.
غربةٌ أنكرتُها من فرط ما بي
فتوسلتُ بعينك التي
وحدها تعرف معنى الاغتراب.
كلما ساءلتها عن مفردات الهمِّ
ساقت لي على مد سؤالي في الأسى
ألف جواب.
كل باب بائسٍ
يفضي –كما تنبأُ عيناك- لباب.
****
كنتَ تلهو بي مع الصبية في الدرب
تجرُّ القلب في جرِّك رجليك على التربِ
وها رحتَ
وما راحت بقلبي منك آثار التراب.
كنت في الحيِّ الصبيَّ الحيَّ
محروس الخطى
فلماذا متَّ
لم تبلغ من العمر سنيَّاً
غير عشرين عذاب.
هاهمُ الصبيةُ عادوا فتيةً
في عنفوان العمر
لكن لم أشاهدك فتياً
أيها المحجوب
أدري
فالعذابات توفِّي حقها ضعفين من خلف الحجاب.
لم أشاهدكَ
فعاتبْ جفوتي من قبل أن تسلم عينيك إلى الموت
وفي قلبك مني بعض غصَّات العتاب.
ها أنا جئتُ على قبركَ مخنوقا من الدمعِ
فهل لي من متاب.
إنني أسلمت قلبي لعذابات المصاب
حينما قيل الذي مات
هو الطفل الذي كان يلهو بين أنحائي
لم يمت من فرط أوجاع الصبا
إنما مات على دكة أحلام الشباب.