أبو سعيد ( سابقاً )
فوجئت كغيري بالخبر الذي نشره " جوال نادي الإبتسام " خلال هذا الإسبوع، والمتضمن تصريحاً للأخ العزيز والناشط الإجتماعي الأستاذ : محمد بن كاظم عقاقه " أبو سعيد " والذي أعلن فيه قراره إعتزال العمل الإجتماعي، والرياضي، بعد عطاء إستمر لأكثر من أربعين عاماً من عمره المديد " بإذن الله " .
بطبيعة الحال إنني أتحدث هنا كمتلقي للخبر من سائر الناس، وليس بصفتي الشخصية عطفاً على العلاقة المعتبرة التي تربطني " بشخص العزيز أبو سعيد " لأن ذلك سيُقلّل من سقف الموضوعية، ومن الأفضل تحييد المشاعر " ما أمكن لذلك سبيلا " حتى يتسنى مناقشة الموضوع بمهنية، بعيداً عن الإنطباعات الذاتية والمزاج الشخصي، ولو إنني أعترف بأن ذلك سيبدو عسيراً وشاقاً في مواجهة فيض المودة الذي تنطوي عليه علاقتي بالأستاذ الفاضل " أبو سعيد " والإحترام المتبادل فيما بيننا، سواء على مستوى العمل الإجتماعي العام، أو العلاقة الثنائية، ولكن أسأل الله العون، والتوفيق، والمدد.
جميلٌ جداً أن يُبادر الأخ " أبو سعيد " للتقدم بالشكر والإعتذار عن القصور من أفراد مجتمعه الحبيب، وهو " يترجّل " عن الخدمة الإجتماعية، والرياضية، حيث كان له شرف خدمة مجتمعه في النادي الذي أسعدني أن أكون أحد اعضاء مجلس إدارته " مشرفاً ثقافياً " تحت إدارته الراشدة منذُ أكثر من" واحد وثلاثين " سنة مضت، كما أنه قد خدم في الجمعية الخيرية، ورأس لجنة الزواج الجماعي، واستمر في عطائه المتجدد " مداً، وكداً " لهذه المشاريع الخدمية بشكل أو بآخر حتى من خارج عضويتها الإدارية.
هذه المبادرة " الفريدة " من نوعها، ربما تُعتبر غريبة بعض الشيء على فكر المجتمع، وغالباً ما يتم تأويلها على أنها جاءت نتيجة لمعاناة، أو لعدم القدرة على التكيف الإجتماعي، ولكنها هنا ليست اليتيمة من الأخ " أبو سعيد " لأنه عندما غادر في وداد مقعد " رئاسة " لجنة الزواج الجماعي، سارع إلى تقديم الشكر والإمتنان للذين عمل معهم، ولأهالي بلدته الكرام، وذلك عبر منتديات بعض المواقع الإلكترونية، وهذه مسألة هامة في " فن القيادة الإجتماعية " على وجه الخصوص، نظراً لعدم وجود لائحة ملزمة تنظم العلاقة المهنية بين مُفردات العمل الإجتماعي، بل تُوجد أعراف، وعادات، وتقاليد، تضبط إيقاع الإتصال فيما بينهم وتحفظ منظومة الحقوق والواجبات " الأدبية " ليس إلاّ.
هل هناك وراء هذه الرسالة موقفٌ ما، أو أسباب أُخرى تراكمت مع الزمن، أدّت بها لأن تطفو على السطح؟ وهل هي مؤشر على الفيضان الإنفعالي وعدم الرغبة في إزعاج الآخرين باللوم أو العتاب؟
وهل لتوقيتها دلالات رمزيّة تعكس غير المُعلن منها ؟ وهل العمل الإجتماعي له تاريخ صلاحية مُحددة يجب التخلص منه فور حلوله لتلافي حالة التسمم الدوائي وغسيل المعدة ؟ وغيرها من الأسئلة التي ربما تخامر ذهن بعض المهتمين بالشأن الإجتماعي " طمعاُ في استمرار الأستاذ : أبو سعيد ، وأمثاله الخيِّرين.بو سعيد
إنني هنا لست بصدد التبرير لتلك الأسئلة، أو التصدي للتأويلات المتنافرة حيال تلك الرسالة " الودية " إنما ما يجب التنويه عنه هو : فكرة الرسالة ذاتها التي جاءت للتعبير عن إسلوب حياة عصري يحترم الآخرين، ويثمِّن مكانتهم المعتبرة في الضمير الإجتماعي، لأن الرسالة في مضمونها العفوي هي عبارة عن " طرق باب سور المجتمع للإستئذان بالخروج " بهدوء ، ومسؤولية ، وإحترام ، وهذا بحذٍ ذاته يُعتبر سلوكاً مسؤولاً وراشداً بإمتياز " حسب ظني " حتى وإن إختلفنا معه في مسألة الخروج ، ولكن يجب أن نحترم القرار بعد أن أمضي أربعة عقود في خدمة المجتمع.
فشكراٍ لك يا "أبا سعيد " على هذه الروح الطيِّبة، وجزاك الله وأمثالك من أبناء أم الحمام البررة عنا خير الجزاء، وكتب كل جهد بذلتموه في ميزان أعمالكم الخيِّرة، ووفقكم في ذريتكم الصالحة، وكتب لكم النجاح والتوفيق حيثما شطّرتم. وستبقى سيرتكم العطرة تفوح بيننا أريجاً ما حيينا.
أنـا من القــوم الذيــن همواُ همواُ إذا غاب منهم سيدٌ قام صاحبهْ
نجــوم ســماء كلــما غــار كوكب بدا كوكبٌ تـأوي إليـه كواكبـهْ