التكنولوجيا الحديثة وويكيليكس

آمنة جميل الفرج *

لم تخدم التكنولوجيا ويكيليكس -الذي اطلقت خدمته عام 2006 م- في الحصول على معلومات ووثائق سرية فحسب، بل خدمتها في نشر تلك المعلومات والوثائق عبر الانترنت لتصبح الحديث اليومي للعالم كل صباحِ ومساء منذ أن بدأت في 28 نوفمبر 2010 بنشر أكبر مجموعة وثائق تبين أنشطة ورؤية السفارات الخارجية الامريكية حول العالم عن سياسات وشخصيات وأوضاع مجتمعات. والمعروف أن موقع ويكيليكس نشر وثائق حول حرب العراق في اكتوبر الماضي، بينما نشر وثائق حول الحرب على افغانستان في يوليو الماضي.

أصبحت وكالات الانباء والصحف العالمية تتداول الوثائق والمعلومات التي يقدمها موقع ويكيليكس بشكل يومي، إلى درجة أن الباحث عن كلمة ويكليلكس في موقع جوجل يحصل على أكثر من 517 مليون نتيجة، وهذه النتيجة ما هي إلا انعكاس لازدياد متصفحي الويكيليكس حول العالم لنبش التقارير السرية المرسلة من السفارات الامريكية في بلدانهم إلى الولايات المتحدة من خلال السفراء والعملاء الامريكيين، أو للتعرف على توجيهات السياسة الأميركية لسفاراتها في تلك العواصم.

ويكيليكس.. هذا الزلزال المعلوماتي، أخرج البرفسور الكندي "توم فلانجان" عن طوره في 30 نوفمبر الماضي على شبكة سي بي سي للأخبار لينادي بإغتيال "جوليان أسانج" – مدير موقع الويكيليكس - وكأن التصفية الجسدية ستحجب تدفق المعلومات اليومي.

وبالرغم من أن بعض الدول قامت بحجب موقع ويكيليكس كدولة الصين، والامارات أو حتى الولايات المتحدة التي كانت المزود الخادم لموقع الويكيليكس، وقامت بإغلاق الموقع تماماً.. إلا أن التكنولوجيا وجدت طرقا اخرى للالتفاف على هذا الحجب.

فبمجرد أن اغلقت الصفحة الرئيسية لويكيليكس، ظهر في اليوم الأول وكالفطر في فضاء الانترنت أكثر من 507 موقع رديف لويكيليكس، وبعناوين مختلفة ومتوفرة على مواقع عدة ومنها موقع تويتر وفيس بوك وريدات وديج. كل هذه المواقع توفر العناوين الرديفه أو المشابه والتي يعبر بها باللغة الانجليزية بـ"Mirrors". وحتى كتابة هذا المقال وصلت المواقع الرديفة الى 1334 موقعا. ووجدت المعلومات طريقها للخروج من عتمة الغرف السرية المغلقة في البنتاجون إلى كل فرد في العالم. وأصبحت "ويكيليكس" الكلمة المرادفة لحرية الكلمة وكشف الاسرار.
 
بالاضافة إلى الوثائق التي يقدمها موقع ويكيليكس، فان له حسابات في مواقع اخرى كما ذكرنا، ومنها تويتر، حيث وصل عدد المتابعين للويكيليكس في تويتر إلى حوالي 492,000 مشترك. والمعروف أن موقع تويتر متخصص في نقل الاخبار أولاً بأول، وقد ساعد في تغطية الاخبار العالمية فيما يقال حول وثائق الويكيليكس من تعليقات، أو متابعات حول مؤسس الموقع "جوليان أسانج".

وبالرغم من ان التكنولوجيا سهلت عمل استخبارات الدول في التجسس ونقل المعلومات واختراق خصوصيات الافراد وتجنيد العملاء.. إلا أن هذه التكنولوجيا ليست حكراً على الاستخبارات فقط.. فحتى  قراصنة  الانترنت يمكنهم التجسس على من يتجسس على البشر، واختراق مؤسسات امنية كوكالة الاستخبارات المركزية الامريكية وغيرها.
 
هذا يعني ان التكنولوجيا لم تعد في خدمة طرف واحد، والاختراق لم يعد في طرف واحد ايضاً. لم تعد الحكومات وحدها التي تخترق خصوصيات الافراد وتتجسس عليهم، ولكن الافراد اليوم قادرين على اختراق مخابرات الحكومات واجهزتها الأمنية والسياسية أيضاً، وهذا ما تكشفه موسوعة التسريبات "ويكيليكس"، التي حررت المعلومات وقدمتها مجاناً لمن يبحث عن ما وراء الجدران من حقائق.

العوامية – السعودية