تكريم الرواد
في حقيقة الأمر وإذا ما أردنا الإسهاب فيما وقع عليه الاختيار من عنوان لذلك المقال الذي شئنا ورغبنا أن نجعل له مقدمة مفادها جملة ارتأيناها تتناسب ومحتوى ما سيُنسج من فحاوى ومضامين نصل من خلالها في نهاية هذه المصفوفة إظهار ما نكنه وندركه بداخلنا من مشاعر وأحاسيس ملؤها معانٍ سامية ومفاهيم راقية، كالتقدير والاحترام والتشريف، أضف إلى ذلك التبجيل والتكريم، ومن هنا نؤكد أن من لا يشكر الخلائق لا يشكر الخالق، ومن باب مانحن ملزمون به من مسؤوليات وواجبات أخلاقية وإنسانية تجاه كل من له حق علينا من شخصيات وقامات رجالات وسيدات؛ لما قدموه لناسهم ولمجتمعهم بشكل خاص ولوطنهم بشكل عام.
إن التنافس والتفاخر والإقدام على إبراز محاسن ومناقب الآخرين من ذوي الرفعة والمكانة ومن معهم كالعاملين والناجزين والبارعين ممن يستحقون الثناء والامتنان لما بذلوه وضحوا به ماضيًا، وما يعطونه ويمنحونه حاضرًا، من حسن العطاءات والجود والسخاء، ولما فاضت به أيديهم من الفضائل والمآثر والهبات وحققوا مكاسب ونجاحات جاءت نتاج لتراكمات من الجد والاجتهاد وتجارب جمة ودراية ومعارف وخبرات صُقلت على مدى الأيام والأعوام حتى نقشت شخوصهم الموقرة بماء الذهب والنفائس والألماس إلى أن بات صيتهم اللامع وسيرتهم العطرة أهلًا للأمانة والثقة والاطمئنان بل ويشار لهم بالبنان.
إن تكريم المهرة والمتقنين من الصفوة والنخبة وأصحاب العقل السديد والسلوك القويم والتصرف الرزين، كلها ظواهر أخلاقية تتصف بالإيجابية الفائقة، وتعود بالفائدة النفسية لشريحة واسعة من الأشخاص، ومن ذلك المنطلق نرسخ ونقوي في بواطن ذواتنا الشعور بالتباهي والاعتزاز تجاه الفاعلين والمؤثرين والمنفذين وقادة الهمم من الأعضاء المتميزين وصناع المحتوى الإبداعي والفريد من نوعه وسط المعترك الجمعي والنشاط النوعي في خضم المنظومة المجتمعية التي ننتمي إليها.
من هنا نستطيع أن نجزم مؤكدين واستنادا لما نشاهده ونتابعه عن كثب وخصوصًا في زمن الرؤية السديدة، باتت مناظر العناية والاحتفاء بما يتم ويُنجز في مملكتنا العزيزة بمثابة نشاط دائم لا ينتهي إيمانًا من ولاة الأمر حفظهم الله بأهمية إيجاد وإعداد قاعدة صلبة ومتينة من الأجيال المؤهلين فكريًا وعلميًا وثقافيًا ليكونوا عنوانًا ساطعًا منيرًا متلألئًا للارتقاء والصعود بالوطن نحو التأسيس والتغيير، وذلك تمهيدًا للبداية ومن ثم السير بالبلاد لكل ما هو أفضل وأجود لترسيخ وبناء الثقافات وصناعة الابتكارات وإنتاج ما هو أنجع لكل المجالات، وعليه يصبح هؤلاء النخب وما يملكونه من تجارب عميقة، وغيرهم من ذوي القيمة الاجتماعية العالية كالفنانين والأدباء والرياضيين البارزين وآخرين في شتى المجالات من الجنسين، هم من يستحقون أن يُنظر لهم بعين التعظيم والتفخيم بصفتهم الثروة الحقيقية التي بها نستطيع أن نجني ما هو مراد ومطلوب.
أعزائي القراء، إن تعزيز وتوطيد ثقافة التكريم بهذا النمط الإنساني الودود - هو علامة ودليل - لا ريب فيه - أن حكومتنا حماها الله تُولي عناية هائلة ورعاية متميزة بمنح تلك الفئة الثمينة ما يستحقونه من محبة وإخلاص ووفاء وهو ما يحمل دلالة مضيئة بأن هذا الوطن قيادة وشعبًا يعطون أهمية قصوى لهذا الشأن؛ حتى نحقق كل ما نصبوا إليه من تطلعات وآمال مشروعة بالتوكل والاعتماد على الله جل في علاه، هذا أولًا، أما ثانيًا بهمة مواطنيه وجهودهم المحمودة والمباركة وهذه ضمانة لصناعة دولة مهيبة متطورة مقتدرة بإذن الله تعالى.
وبعد كل ما ذُكر وصلنا لنهاية تلك الكلمات البسيطة والمفردات المتواضعة لنختم ونقول لكم أيها الإخوة المحترمون من قارئين وقارئات إنَّ إظهار المهابة والتوقير للمضحين المثابرين العاكفين والخادمين لمجتمعهم ووطنهم بروح الولاء؛ وذلك إن دل على شيء إنما يدل على أصالة معدنهم وطيب أصلهم وحسن منشئهم؛ من هنا وجب إكرام هؤلاء الخيرين رجالًا ونساء باعتبارهم خلاصة وجوهر العمل الاجتماعي؛ لما يقومون به في حقيقة الأمر من طاقة وما يعطونه من جهد قلّ مثيله، ولما يحملونه على عاتقهم من إرشاد وتوعية ونصح وتوجيه هدفه الارتقاء بالجماعة بجميع تعدداتها أناسًا وأهلًا وأحبة حتى يعمّ النفع أرجاء البلاد وكل العباد.
ومع إسدال الستار لا يسعنا إلا أن نتقدم بأجمل العبارات وأرق العواطف والوجدان المغلفة بالشكر والعرفان والمحاطة بالإشادة والإطراء والمحفوفة بالمدح والثناء والمطوقة بكل جميل وبديع وخلاب، ومن هذا المقام نتقدم بتحية مودة وإخاء لمن واجهوا وتصدوا وسهروا وكافحوا وثابروا وبذلوا الغالي والنفيس ليُسعدوا ويبهجوا الجميع بعزيمة وإرادة وإصرار.
لهذا ينبغي من حيث المبادئ الحضارية والقيم البشرية تصويب النظر بما يقدم من أولئك الأخيار من أعمال وممارسات وإنجازات يثرون بها الوطن ليبلغ منتهاه حيال التأكيد والتنفيذ والوصول للمطالب والمأمول، لتصبح مملكتنا مشعة وجزءًا مهمًا في عالم النجاح والنهضة والنمو؛ فشكرًا من القلوب والأعماق لقادة الفكر والأفاضل والرواد أينما كانوا في أرجاء الوطن المعطاء، فنقول لهم جزاكم الله خير الجزاء ومنحكم عظيم الشأن والثواب ونسأله جل في علاه أن يحفظكم ويسدد خطاكم يا عزيز يا حكيم.






