نداء غير حياتي
ها هو يقف أمامي، عيناه تلمعان بدموع التوبة، وكأن روحه قد ولدت من جديد. كان صوته مرتعشًا لكنه ممتلئ بالعزم:
”أعدك... لن أضيع صلاتي بعد اليوم. لقد وجدت فيها راحتي وسكينتي، كأنني كنت تائهًا في صحراء جرداء، ووجدت فيها واحة ظليلة.“
ربتُّ على كتفه، وابتسمتُ له، ثم قلت: ”الحمد لله الذي هداك. الصلاة ليست مجرد طقوس، إنها لقاء مع الله، لحظة صفاء تُزيل الهموم وتُنير القلب.“
أمسك بيدي بقوة، كأنه يريد أن يتشبث بهذا النور الذي أشرق في قلبه فجأة، وقال بصوت تخنقه العبرة: ”لم أكن أعلم أن لحظة واحدة يمكن أن تغيّر حياة بأكملها. شعرتُ بخشوع لم أشعر به من قبل، وكأن قلبي قد غُسِل من كل شيء كان يُثقله.“
ثم أخذ نفسًا عميقًا، ونظر إلى السماء قائلًا: ”كم من صلاة فاتتني، وكم من نداء تجاهلته؟ لكنني الآن أدركت أنني كنت أضيع كنزًا لا يُقدّر بثمن. كم أنا نادم، لكنني سعيد لأن الله أمهلني حتى أعود إليه.“
كان الأذان التالي يصدح في الأفق، وهذه المرة لم أحتج إلى أن أذكّره، بل رأيته يهرول إلى المسجد، كأنه يخشى أن تفوته لحظة من هذه النعمة العظيمة.
ومنذ ذلك اليوم، لم أعد أراه منهمكًا في السيارات وقت الصلاة، بل كان أول من يقف في الصف الأول، وجهه مُشرق، وروحه مطمئنة، وكأنه وُلد من جديد.