مولد السيدة زينب (علها السلام)

مولد السيدة زينب (علها السلام)

أَجْلَى البَهاءُ بِعَيْنِ النَّاظِرِ الحَدَقَا
وَجَادَ بالمَنِّ مَن مِن عَينِهِ رَمَقَا

يَطِيشُ بِالوَصْفِ إِدْرَاكُ المَرَامِ كَمَا
قَدْ طَاشَ فِي الغَيِّ مَنْ فِي دَهْرِهِ وَثقَا

يَا رَاعَكَ اللهُ فِي حُسْنٍ بُلِيتَ بِهِ
إِنْ لَمْ يَكُنْ حُسْنُهُ وَالطَّبْعُ قَدْ رُبِقَا

وَلَيْسَ يُجْدِي الفَتَى ظَنٌّ يَلُوكُ بِهِ
إِنْ كَانَ أَوَّلُ إِصْبَاحٍ لَهُ غَسَقَا

خِيَانَةُ المَرْءِ تُجْلِي صِدْقَ صَاحِبِهِ
وَظُلْمَةُ اللَّيْلِ تُبْقِي الصُّبْحَ مُؤْتَلِقَا

أَعَاذَكَ اللهُ حُسْنَ الظَّنِّ فِي شَرَكٍ
مَا كَانَ جَازَ بِهِ إِلَّا الَّذِي سُرِقَا

أَوْعَى بَنِي الدَّهْرِ جَوَّالٌ بِعِفَّتِهِ
يُرَاقِبُ الدَّهْرَ أَيَّاماً وَمُنْطَلَقَا

يُقَلِّبُ النَّاسَ أَفْوَاهَاً وَأَفْئِدَةً
لَمْ يَتْرُكِ الأَمْرَ إِلَّا مُوغِلَاً طَرَقَا

فَلَا تَقُلْ لِي أَضَعْتَ الدَّرْبَ مُبْتَعِدًا
تَبْغِي اليَقِينَ بِظَهْرِ الشَّكِّ مُلْتَصِقَا

وَهَلْ يَجُوزُ المَدَى بِالأَرْضِ مُرْتَهَنٌ
الطِّينُ فِي أَصْلِهِ المَعْجُونِ قَدْ دُلِقَا

أُحْجِيَةُ الطِّينِ وَالرُّوحِ الَّتِي امْتَزَجَتْ
فِي العَالَمَيْنِ وَكَيْفَ الكَائِنُ اتَّسَقَا

وَأَيُّ جَنْبٍ لَهُ يُبْقِيهِ مُتَّقِدًا
لِيَسْتَعِينَ عَلَى الجَنْبِ الَّذِي مَرَقَا

لَا تُجْهِدَنِّي غَدَاةَ البَيْنِ قَدْ قَعُدَتْ
بِيَ الوَسَاوِسُ حَتَّى لَمْ أَرَ الطُّرُقَا

تَسُولُ النَّفْسُ طَوْرًا مَزْجَ أَخِيلَةٍ
وَتَسْتَعِينُ بِحُمْقٍ يَدَّعِي الحَذَقَا

يَقْتَاتُ مِنْ ظُلْمِ الأَيَّامِ مَا بَعُدَت
بِهِ الضَّلَالَاتُ حَتَّى كَوَّنَتْ نَسَقَا

فَلَا يُغَرَّنَّكَ ثَغْرٌ قَالَ أُحْجِيَةً
وَلَا بِضَوْءِ غُيُومٍ سَاطِعًا بَرَقَا

تَغْفُو عَلَى وَسَنِهَا الأَحْدَاقُ ذَاهِلَةً
وَمَا أَزَالُ عَصِيًّا أَشْتَكِي الأَرَقَا

أُقَلِّبُ الأَمْرَ بَيْنَ اثْنَيْنِ بَيْنَهُمَا
كُلُّ الوُجُودِ وُجُوهٌ أَبْدَتِ الفَرَقَا

هَذَا يُعَظِّمُ دُنْيَاهُ وَيُبْغِضُهَا
وَذَاكَ كُلٌّ عَلَى أَمْرَيْهِ مَا انْمَزَقَا

يَرَى الطَّرِيقَ سَبِيلًا وَاحِدًا أَبَدًا
بِهِ الحَيَاةُ وَبَعْدَ المَوْتِ مَا افْتَرَقَا

حَتَّى ذَكَرْتُ عَلِيًّا فَاسْتَكَنَّتْ إِلَى
مَا كَانَ مَرَّ عَلَى الأَرْوَاحِ فَاعْتَلَقَا

فَجَاشَ قَلْبِي وَكَانَ الأمْسُ فِي سَنَةٍ
فَصِرْتُ حَتَّى كَأَنِّي لَمْ أَعُدْ قَلِقَا

أَبَا الحُسَيْنِ وَذَاكَ العِشْقُ مِنْ قِدَمٍ
فِي مُضْغَةِ العِشْقِ مَا يَسْتَأْنِسُ الحُرُقَا

لِي فِي عَلِيٍّ كَمَا لِلنَّبَتِ مِنْ وَدْقٍ
وَفِي بَنِيهِ أَمَانٌ حَرَّرَ العُنُقَا

حَبْلٌ مِّنَ اللَّهِ مَمْدُودٌ بِرَحْمَتِهِ
وَهَلْ يَضِلُّ بِحَبْلِ اللَّهِ مَنْ وَثِقَا

نُحْيِي اللَّيَالِي عَلَى الذِّكْرَى وَيُسْكِرُنَا
ظَنُّ المُحِبِّ بِأَنَّ المُقْتَفِي لَحِقَا

مَقُولَةُ (العَقْلِ يَكْفِي المُسْتَضِيءَ) بِهَا
مِنَ السَّذَاجَةِ مَا يُبْقِي النُّهَى غَلِقَا

هَلْ فِي الفَجَاجَةِ إِلَّا عَقْلُ مُعْتَقَلٍ
وَلِلفُؤَادِ شَجًى يَسْتَنْزِفُ المُؤُقَا

لِلسَّائِرِينَ بِذَاكَ المَجْدِ لَا عَمِيتْ
لِلَّهِ عَيْنٌ تَرَى أَقْدَارَهُ طُرُقَا

قِفْ بِالشَّآمِ بِقَبْرٍ طَالَمَا عَرَفَتْ
زُوَّارَهُ المَّزَنُ أَنَا اسْتَمْطَرتْ غَدَقَا

قَبْرٌ إِذَا الإِنْسُ أَخْلَتْ صَدْرَ سَاحَتِهِ
مِنْهُ المَلَائِكُ لَمْ تَبْرَحْ بِهِ العَبَقَا

يَا بِنْتَ مَجْدِ خَلِيلِ اللَّهِ حِينَ فَدَى
ذَبِيحَهُ اللَّـهُ لَمَّا أَنْ رَأَى صَدَقًا

وَبِنْتُ مُوسَى غَدَاةَ التِّيهِ طَافَ بِهَا
فِي غَبَّةِ السَّبْيِ رَكِبٌ سَاقَهُ الطُّلُقَا

وَبِنْتُ نُوحٍ غَدَاةَ المَوْجِ فَاضَ بِهَ
لَكِنَّ بِبَحْرِ دِمَاءِ صُنْوُها غَرَقَا

تَمْضِي عَلَى طَبْعِهَا الأَيَّامُ مُثْقَلَةً
وَتَسْتَخِفُّ بِمَنْ فِي حَبْلِهَا رُبِقَا

هَلْ فِي الدُّمُوعِ إِذَا جَادَتْ بِغَلْوَتِهَا
مَا يَسْتَحِثُّ لِسَانًا مُعَرِّبًا طَلِقَا

أَمَا رَأَيْتَ بِقَصْرِ الشَّامِ حِينَ رَأَتْ
فِي النَّاسِ أصل البلايا قَائِمًا نَعَقَا

تُقْرَعُ الدَّهْرَ إِمْعَانًا غَدَاةَ إِذٍ
مَا كَادَ يَبْلَعُ فِي إِيْجِازِهَا الرَّمَقَا

غَدَاةَ شَقَّ عَلَى الطُّغْيَانِ مَنْطِقُهَا
حَتَّى أصَاخَّ وَمَا أَجْدَاهُ لَوْ نَطَقَا

أُمُّ اليَقِينِ وَبِنْتُ الوَحْيِ لَوْ عَلِمَتْ
شَمْسَ الطُّفُوفِ بِهَا مَا أَبْدَتْ الطُّرُقَا

أَجْرِ الدُّمُوعِ لَهَا حُزْنًا وَطَرُّ فَرَحًا
فِي يَوْمِ مِيلَادِهَا المَيْمُونِ إِنْ طَرَقَا

وما أضر بنا قولٌ يناوؤنا
في جُبَّةِ الوَعيِ ما يَستَنفِرُ الحُمُقى

وَنَحْنُ قَوْمٌ قُلُوبٌ لَيْسَ يَصْرَعُنَا
إِلَّا الهَيَامُ وَأَهْدَانَا إِمْرُؤٌ صُعِقا

هَذَا ضَمِيرُ الوَفَا فِي مَعْشَرٍ جُبِلَتْ
أَطْبَاعُهُمْ فِي المَرَادِ الحُبُّ وَالحَنَقَا

بَنُو عَلِيٍّ وَحَقُّ القَوْلِ مِنْ قَدَمٍ
أَدْرَى بِجَعْلِ الرِّسَالاتِ الَّذِي خَلَقَا

هَذَا الرَّذَاذُ قَلِيلُ إِثْرِ وَابِلِكُمْ
قَدْ يَسَّرَ اللَّهُ كُلٌ لِلَّذي خَلَقَا


✏️منصور يحيى
1446/5/5
2024/11/6