لا تجد وقتًا للقراءة؟ اصنعه
لتبرير الابتعاد عن القراءة يطرح البعض حجة عدم وجود الوقت الكافي لذلك. ورغم عدم دقة هذه الحجة فإن أبسط رد عليها هو: إذا لم تكن تجد وقتًا للقراءة فاصنعه. ففي خضم عشرات المهمات المطلوبة من كلٍّ منا كل يوم ينبغي أن تكون القراءة في طليعتها، نظرًا إلى الأهمية الفائقة لها والنتائج المتوخاة منها؛ لأن انتظار الوقت المناسب للقراءة دون مبادرة هو كانتظار حصول معجزة، وكانتظار تحقق حلم دون أي جهد نبذله.
وتتطلب صناعة الوقت للقراءة وجود إرادة حقيقية لذلك؛ بأن نفرغ لها الوقت المناسب ونحدده ونلتزم به مهما ازدحمت المهمات أو توهمنا ازدحامها؛ لأن هذه الحالة قد تستمر إلى ما لانهاية.
أولًا تأكد من الابتعاد عن جهاز التلفاز الذي يعج بمئات القنوات الفضائية التي تجذبك إليها لكنها لا تضيف إليك إلا القليل من الفائدة مع سرقة أغلى ما لديك في هذه الحياة وهو وقتك الذي هو عمرك. كما ينبغي وضع هاتفك المحمول أو أجهزتك الذكية جانبًا، وحبذا لو أطفأتها أو وضعتها في حالة «الطيران» أو إيقاف أي منبهات «تذكيرات» فيها حتى لا تقطع عليك خلوتك القرائية.
وهناك عشرات الأوقات القصيرة الضائعة كل يوم تأتي ما بين الانتهاء من عمل وبداية آخر، أو حين انتظار أمر ما؛ كانتظار إحدى الوجبات، أو دقائق انتظار أطفالك قبل إيصالهم للمدرسة مثلًا، أو فترة ما قبل النوم، أو ما بعد انتهاء يوم العمل أو اليوم الدراسي. هذه الأوقات واستغلالها فيما ينفع هي ما يشكل الفرق بين الناس في استثمار حياتهم أحسن استثمار. فاجعل في هذه الأوقات القصيرة كتابًا صغير الحجم قريبًا منك، وحبذا لو كان من الأصناف المحببة إليك، والتي لا تتطلب جهدًا ذهنيًّا كبيرًا.
وحين تكون بانتظار وصول وسيلة نقل أو إقلاع طائرة ليكن الكتاب رفيقك. وأفضل من التذمر حين يتأخر عليك صديقٌ في موعدٍ أن تقرأ ولو صفحة واحدة من كتاب في موضوع محبب إلى قلبك، أو حتى أبيات شعر.
وحين تمر بأزمة من أي نوع فبدلًا من القلق والتوتر وضرب كفٍّ بكف ابحث عن كتاب مناسب لتلك الأزمة. فمن كتب مثل هذا الكتاب ربما يكون قد مر بنفس مشكلتك ثم فكر وقرأ وتساءل وشاور غيره ثم جلس للتفكير ساعات وأيامًا حتى خرج بخلاصة أفكاره من هذا كله على شكل كتاب. فمطالعتك لكتابه يعني أنك قد أخذت عصارة ذهنه في هذا الموضوع.
وإذا كنت مشغولًا بأي مهمة لا تتطلب منك تركيزًا ذهنيًّا كالمشي أو بعض الأعمال اليدوية أو المنزلية فهناك خيار الاستماع إلى أحد الكتب الصوتية، وما أكثرها، وبخيارات جميلة ومتنوعة للغاية.
*والوقت أنفس ما عنيت بحفظه - وأراه أسهل ما عليك يضيع. يحيى بن هبيرة