رحيل المؤرخ عبد الخالق الجنبي
فقد المشهد الثقافي السعودي المؤرخ والباحث عبد الخالق الجنبي.
لم ينعاه الأدباء فقط، ولم يكن البكاء عليه حصراً على المثقفين والشعراء والمهتمين في التاريخ، بل رثاه المجتمع والوطن بأكمله، وضجت وسائل التواصل بخبر فقد أيقونة من أيقونات الأدب والثقافة والتاريخ السعودي، حيث تم تشييعه ودفنه في مسقط رأسه ببلدة القديح في محافظة القطيف بعد صراع طويل مع المرض.
رحل عبد الخالق بن عبد الجليل بن حسن بن مدن بن صالح بن حسن بن عبد النبي بن صالح الجنبي، المولود في يوم الإثنين 9 ربيع الثاني 1384 هـ .
61 عاماً من العمر قضاها الجنبي متاثراً ومؤثراً رغم الصعاب التي واجهها في صحته منذ كان بعمر 5 سنوات حين داهمه مرض السرطان الذي تسبب في فقد رجله اليسرى، حتى انتقاله صغيراً من مدرسة لأخرى، وصولاً لعدم تمكنه من إكمال الدراسة الجامعية إلا أن روحه الإيجابية الملهمة أسهمت في جعله اسماً معروفاً في الثقافة السعودية، حيث أسفرت جهوده في كتابة البحوث التاريخية عن تقديم عدد من المؤلفات المؤثرة.
فقدم شرح ديوان ابن المقرب في 3 مجلدات تضمن المجلدان الأولان شرحاً لديوان ابن المقرب العيوني معتمداً على 20 مخطوطة، في 1300 صفحة، في حين تضمن المجلد الثالث دراسة مفصلة عن الشاعر وديوانه ويقع في 600 صفحة، وقد بدأ الباحثون الثلاثة «عبد الخالق الجنبي، وعبد الغني العرفات، وعلي البيك» مشروعهم في تحقيق ديوان ابن المقرب في يناير من عام 1999 ليكمل الديوان في هذا الشهر 25 عاماً منذ بداية العمل عليه.
ويتميز هذا العمل بأنه أول عمل تحقيقي بهذا الحجم لديوان ابن المقرب العيوني يقوم به باحثون من أبناء المنطقة الجغرافية التي عاش فيها الشاعر الأحسائي المعروف.
كما قدم كتاب هجر وقصباتها الثلاث المشقر والصفا والشبعان ونهرها محلم؛ الذي يعتبر ثمرة سنين من البحث الميداني المضني، وسبقته بحوث أخرى في مضامين أمهات كتب الأدب والتاريخ والجغرافيا، وهو يكشف لأول مرّة عن موضع مدينة هجر المشهورة في التاريخ العربي، وكذلك موضع حصنيها الأشهرين المشقر والصَّفا ونهرها محلم.
وكتب عدة مؤلفات أخرى منها جِرّه مدينة التجارة العالمية القديمة، قبر الآجام، الحسين بن ثابت القطيفي وقصيدته في قبائل وبطون عبد القيس، جواثى تاريخ الصمود، الديوان المصور لشعر علي بن المقرب، والكثير من البحوث التاريخية والجغرافية، فضلاً عن المقالات والحوارات التي نشرت في مجلات ثقافية خليجية وصحف محلية.
رحل متعباً أنهكه المرض بعد أن رقد لعدة أشهر على السرير الأبيض في مستشفى الملك فهد التخصصي بالدمام إثر إصابته بالسرطان مرة أخرى.