أغلفة الكتب
لأن الغلاف يعد العتبة التي يعبر منها القارئ نحو العمل نفسه، كان لا بد من الاهتمام به من قبل المؤلف والناشر على حد سواء. فكما أن الانطباع الأول الذي يتركه أي شخص على الآخرين عند اللقاء الأول له من الأثر الشيء الكثير، بل قد يحدد مسار علاقته بهم كما يقال، فكذلك غلاف الكتاب الذي يعد بمنزلة الهوية البصرية للكتاب، حيث إن الخطوة التالية لمتلقي الكتاب - وهو المستهدف به تسويقيًّا - بعد النظر في الغلاف، قراءة العنوان، ثم تصفح الكتاب؛ فهرسه وفصوله، ثم اتخاذ قرار الشراء من عدمه. بل إن هناك من قد يشتري بعض الكتب لجمال أغلفتها فقط. ولا ضير في ذلك؛ حيث تكون بعض الأغلفة كاللوحات الفنية التي تُدفع فيها المبالغ الكبيرة لتعليقها على الجدران بغية النظر إليها كمتعة بصرية. لهذا يمكن أن تعد أداة حقيقية للترويج للكتاب، وذلك سر اهتمام كثير من دور النشر بها، ودفعها مبالغ كبيرة للمصممين لكي يتقنوا تصميمها.
نعم هناك بعض الكتب التي تُشترى مهما كان تصميم غلافها، وهي الكتب الخاصة بمؤلفين مشهورين أو معروفين للقراء، بغض النظر عن مضامينها، لكن بالنسبة للمؤلفين العاديين فإن تصميم الغلاف يعد مفترق طرق لمشتري الكتاب، ويحدد قرار الشراء من عدمه، إضافة إلى مضامين هذه الكتب.
ورغم أنه في بدايات تسويق الكتب وبيعها في العالم لم تكن دور النشر تولي الأغلفة أي اهتمام، بل كانت إما مجرد ورق مقوى أو جلدي لحماية الكتاب فقط، فإن الناس كانوا يقبلون عليها دون معوقات. لكن ومع تطور الصناعة، وزيادة التنافس، وتنامي الحس التسويقي لدى الناس، بدأ المشتغلون بالطباعة الاهتمام بالأغلفة، متأثرين حتى بالحالة الاقتصادية للناس ومستويات المعيشة.
وخلاصة القول أن أغلفة الكتب مهمة جدًّا، لكن الأهم منها مضامين هذه الكتب التي تترك من الآثار في الناس بمقدار قوتها وتماسك أفكارها، وتبقى عصية على النسيان مهما مر عليها الزمن.