أدب التعاطي مع الرموز الإسلامية في مواكبنا العزائية
لنخصص البحث ونضيق مساحة العنوان ونتطرق إلى:
ماذا نعني بالرمز الإسلامي ؟
يعرف الدكتور / محمد التونجي في كتابه ( المعجم المفصل في الأدب ، ج2 ، مادة : رمز ) الرمز : علامةٌ ممثلة لشيءٍ آخر ودالة عليه ، فتمثِّلُه وتحلُّ معه . والرمز يمتلك قيماً تختلف عن قيم أيِّ شيءٍ آخر يَرمزُ إليه كائناً ما كان ، وهو كل علامةٍ محسوسةٍ تذكرُ بشيءٍ غير حاضر - انتهى محل الفائدة - .
أقول : إذا أخذنا هذا التعريف وأعطيناه سمة ( الإسلامي ) ليكون التركيب ( الرمز الإسلامي ) فإننا سنظفر بالتعريف التالي : كل ما يمثلُ ويختزنُ قيمةً إسلاميةً تتميز بالعموم ، وتتشخص في عدة مصاديق . مثلاً : ( الحسين الرمز ) : نعني به ذلك الهالة النورانية التي نافحت عن بيضة الإسلام بكل غالٍ ونفيس ، وهذا ( الحسين الرمز ) كان في زمن 61هـ الإمام المعصوم الثالث الحسين بن علي بن أبي طالب & ، وجاء من بعده على مختلف الأزمنة والعصور ( حسينيون ) كُثْرٌ مِنْ مَنْ حمل هذه الرمزية في شخصه لما حمله بسلوكه العملي من مبادئ الحسين الشهيد # . مثال آخر : ( كربلاء ) : البقعة الجغرافية التي يتحرك منها ( الحسين الرمز ) ، وكانت في زمن الـ 61هـ في أرض العراق بجانب نهر الفرات ، وتحركت هذه البقعة مع تشخص حسين كلِّ عصر . مثال آخر : ( القائد = الولي الفقيه ) : مَنْ حاز ولاية أمر المسلمين بالنيابة العامة غير المنصوصة بما استأهله من خصائص شرعية ، وقدرات ذاتية وميدانية ، فـ ( الولي الفقيه ) بعمومه ( رمز ) وله مشخصاتُه الخارجية الزمانية المختلفة ، وكذا الحال بالنسبة لـ ( المرجع ) : من تسنَّم الرئاسة الدينية بمؤهلاته الشرعية وخصائصه النفس.
آدب التعاطي مع الرموز الإسلامية في مواكبنا العزائية
حينما نتعاطى بالألفاظ مع هذه ( الرموز الإسلامية ) علينا أن نتأدب في طريقة استخدامها وتوظيفها نثراً كان عملنا أو شعراً ، نخبوياً كان المستمع أم بسيطاً ، يطرقُ أُذنَ المؤمنِ به أم أذن الجاحدِ له – إما عن قصورٍ وجهل ، أو عن اختلاف في تشخيصه بالخارج - ، وأحاول هنا أن أسرد بعض النقاط في هذا المجال – وأخصها بالمواكب عن قصدٍ أشير له بالخاتمة - :
1) أن يكون استخدامنا لها في عبارتنا الملفوظة سليماً معنىً ونحواً ورسماً ؛ فمن غير المقبول – معنىً ونحواً ورسماً - أن نقول مثلاً : إنَّ كربلةٌ قبرُ الحضارات !!
2) أن تصاغ العبارة التي يقحم فيها ( الرمز ) بفنيةٍ عالية مع التصريح ، أو بإسباغ الإشارات والتلويحات مع التلميح ؛ فمن غير المقبول أن نقول مثلاً : لا شيعي لا سني ... قال الخميني .
3) أن يكون أسلوبُنا الإلقائيّ لها به من الفخامة واللباقة ما يتناسب مع عظمة هذا الرمز ؛ فمن غير المقبول أن يُلقي من ليس لديه المؤهلات الصوتية المقبولة (الطرح الرمزي) بحجة البركة .. فهذه جريمةُ : توهين الطرح .
4) ألآّ نخصص ( الرمز ) ونؤطر محيطه ودائرته الأوسع ؛ فمن غير المقبول أن نقول مثلاً : فلانٌ مرجعنا !!
5) أن نعي : مَن المستمع ؟ فمن غير المقبول أن نقول في موكب ( عبدالله الرضيع ) بين الناشئة مثلاً : ذوبوا في الإمام !! والذوبان في عقولهم ملتصقٌ بتحول المادة من الجمود إلى السيلان ، ومن غير المقبول أن نقول في صفوف مجتمعٍ مختلف الأطياف والتوجهات والاختيارات مثلاً : هل من ناصر حسيني ... لبيك يا خميني !! والناس لا تعرف ما معنى التلبية لمقدسٍ ميِّتٍ !! ولا تتلمس تطبيقاً عملياً لهذا الشعار !! ولا تستطيع الربط بين (الحسين الثائر) و (الحسيني السائر) !! ويكون التصريح هكذا توهيناً للرمز وليس تعزيزاً له في القلوب .
وهنا أراك تجد إجابة ما أثرته في مقالنا السابق ( الثابت والمتغير في الطرح العزائي ) لتساؤلي : كيف ينبغي لنا أن نطرح رموزنا الإسلامية ؟ وأيهما أولى : التصريح بالاسم أم التلميح ؟ وأيهما أبلغ وأوقع في النفس : الإشارة أم التقرير ؟ ... أترك لك قارئي العزيز : فسحة التفكير في ذلك ، لعلي وإياك نتلامس الجرح .