كرة القدم هي لعبة الأمم

كرة القدم لم تعد مجرد قطعة جلدية مستديرة، يتقاذفها اللاعبون لتسجيل الأهداف والفوز بالمباريات والحصول على البطولات وسط هتاف وتصفيق الجماهير العاشقة لهذه الساحرة المجنونة كما يُطلق عليها، كرة القدم لم تعد فقط تلك اللعبة الشعبية التي يعشقها الفقراء في كل العالم، ولم تعد ذلك الشغف المجنون الذي يمارسه الصغار والكبار فقط. كرة القدم هي كل ذلك وأكثر، ولكنها ومنذ سنوات تحولت إلى منظومة صناعية متكاملة لها أدواتها ومقوماتها وتأثيراتها.

لقد أصبحت كرة القدم ثقافة وطنية وحضارية وعالمية، وثقافة واسعة ومتنوعة ومؤثرة، لها تموجاتها الصحية والإنسانية والاقتصادية والتي جعلتها تتصدر اهتمامات المجتمعات والشعوب والأمم. كرة القدم من القوى الناعمة الكبرى الآن، بل وواحدة من أهم الأنشطة الاقتصادية التي تُسهم في تنمية ونهضة وتطور العالم.

والكتابة عن كرة القدم باعتبارها اللعبة الشعبية المفضلة الأولى لأغلب شعوب العالم، تحتاج لمقاربة الكثير من الملفات والمستويات، لأنها تجاوزت في أرقامها وإحصاءاتها الفلكية كل التوقعات والاحتمالات.

وكرة القدم والرياضة بشكل عام لها أهمية عظمى لصحة الإنسان وبناء جسمه بشكل سليم وصحي، ولها تأثيرات إيجابية على زيادة معدلات الإنتاج والكفاءة، إضافة إلى القيمة والمكانة والشهرة التي تمنحها للدول والشعوب، وكذلك التعريف بتاريخ وحضارة وسياحة البلدان. كرة القدم تُسهم في كل ذلك وأكثر، ولكن مساهمتها الأهم والأعظم تكون عادة في الجوانب الاقتصادية، إذ تعد كرة القدم الآن ذلك الكنز الثمين الذي تتقاسمه الدول المتقدمة في هذه اللعبة الجذابة التي تعشقها المليارات بجنون.

الأرقام والإحصاءات الفلكية التي يتم تداولها وصرفها في مسابقات ومنافسات كرة القدم، سواء على صعيد الدوريات العالمية الكبرى أو البطولات القارية والعالمية، صادمة ومغرية، وتشمل الكثير من الأنشطة والمنتجات: القيمة السوقية للأندية واللاعبين، وحقوق بث المباريات والبطولات، وصفقات المعلنين، وتذاكر المدرجات، وعوائد الاشتراكات التلفزيونية ونقل المباريات، وبيع القمصان، والكثير الكثير من الأنشطة والخدمات المساندة كالفنادق والمواصلات والمطاعم والصحف والمجلات والقنوات ومواقع التواصل الاجتماعي وغيرها من الأنشطة والخدمات.

كرة القدم هي ذلك الشغف المجنون الذي يسيطر على مزاج وعشق المليارات في كل العالم، هي كذلك وأكثر، وهي الرافد الاقتصادي الذي يدر المليارات في خزينة الدول ويوفر ملايين الفرص والوظائف.

قبل عدة أيام انتهت منافسات أهم وأشهر بطولتين لكرة القدم بعد كأس العالم، وهما كأس أمم أوروبا وبطولة كوبا أميركا، كانت المنافسة شرسة وشديدة على المستطيل الأخضر بين اللاعبين من أجل الظفر باللقب، ولكن ثمة منافسات قوية وذكية بين الشعوب والدول المشاركة بالبطولتين لإظهار تاريخها وحضارتها.

كرة القدم واجهة جميلة تطل بها الشعوب والدول على كل العالم الآن.

كاتب مهتم بالشأن السياسي والاجتماعي والوطني