الكاتب.. المواقف
تظهر فئة من البشر معدنها الحقيقي في المواقف الصعبة، وذلك من خلال العمل على تجنب إثارة الخلافات السابقة والمعارك الجانبية، من جهة أخرى هناك فئة من الناس تتحول إلى ”ذئاب بشرية“، مما يعطيها الفرصة لاستغلال المواقف الصعبة بطرق معينة تهدف للتنمر، وتأليب الرأي العام، والاستقواء على الآخر بمختلف الأشكال.
إن المواقف العدائية التي حصلت بين الأطراف المتعاركة في الفترات السابقة أدت لتفكيك التماسك الداخلي للمجتمع، فكل طرف أصبح يتبع المثل الشعبي الذي يسمى ”رد له الصاع صاعين“، فالانتقام من الخصم الآخر يخلق حالة من التصادم، وخصوصا وأن الكاتب يظهر معدنه الحقيقي في وقت الشدائد، وهو مطالب بالعمل على رد الجميل للخصم بدلا من تسليط الضوء على الملفات القديمة.
فالتحرك على إطلاق المبادرات الإيجابية والوقوف مع الخصم في وجه المعارك الطاحنة ينطلق من الضمير الإنساني والمبادئ والقيم الأخلاقية السامية، بينما تجاهل العمل على تخفيف المشاكل التي تواجه الخصم سيحول الوضع للأسوء، ويثير الضغائن.
ولهذا فإن الانفعال الشديد يؤثر على السلوك والتفكير، ويدفع أطراف معينة للانتقام من الخصم بدلا من التعامل مع الطرف الآخر بالروح التعاونية التي تخلق أجواء إيجابية ونمطا من الانضباط النفسي والاجتماعي.
وهناك كُتّاب معينين متمسكين بالرأي الواحد، حيث يجعلهم هذا الأمر يلغون آراء الفئات الأخرى، وبالتالي تتحول الساحة الثقافية لبيئة خصبة لزيادة المواقف العدائية، وهذا يدل طبعا على وجود حالة من التعصب والتطرف الفكري الذي يزرع البغض في القلوب والحقد في النفوس.
من الأسباب زيادة المواقف العدوانية هي: إهمال تنمية المهارات الإبداعية والروحية والعقلية، ووجود فئة معينة من الناس تسعى لسحق الشخص الذي لا تستطيع التكيف والتعامل معه بهدوء، والإحباط وتحطيم المعنويات بمختلف الأساليب يعد سببا لزيادة الأفكار والسلوكيات العدوانية، لأن مواقف الإحباط تهدم طموحات وإنجازات المرء، ومن هذه الناحية يسيطر عليه الغضب والقلق والتوتر، مما يدفعه ذلك للعدوان.
وإن أفضل طريقة تساعد على تقريب القلوب هي توفير الأنشطة التطوعية والمبادرات والعلاقات الإيجابية التي تعزز ثقافة التعاضد والتكافل، وذلك من أجل منع انتشار الكراهية والفتن.