واحة الأحساء.. مؤشر التحول لصناعة السياحة
في هذا اليوم الرائع حدّ الألق، يحتفل الوطن، كل الوطن، بتسجيل «واحة الأحساء» ضمن قائمة التراث العالمي الإنساني العالمي باليونسكو، في سابقة تُعدّ الأولى التي يتم فيها اختيار منطقة جغرافية كجزء من التراث العالمي بكامل عناصرها، من مبان وقلاع ومزارع وعيون وعنصر بشري.
في العام 2008، كانت المقاربة الأولى لهذا «الملف العالمي» الذي ازدان بمواقع التراث السعودي العالمي، فكانت البداية مع مدائن صالح في العلا، ثم حي الطريف بالدرعية التاريخية في العام 2010، ثم جدة التاريخية في العام 2014، ثم الرسوم الصخرية في حائل في العام 2015، وها هي واحة الأحساء الجميلة تُتوج هذا «العمل الشاق» بإدراجها في هذه القائمة العالمية الشهيرة، والتي ستشهد - بإذن الله - تسجيل العديد من المواقع التراثية الإنسانية السعودية، فوطننا الكبير، من شرقه لغربه، ومن شماله لجنوبه، وقلبه ووسطه النابض، يزخر بالكثير من مصادر الفخر وكنوز الدهشة.
وتُمثّل مواقع التراث العالمي التي تُسجلها «لجنة التراث العالمي» في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة «اليونسكو» والتي وصل عددها قرابة الألف موقع تراثي عالمي تتوزع على 148 بلداً حول العالم، أهم الكنوز الإنسانية والتراثية والثقافية والطبيعية ذات القيمة العالمية الاستثنائية التي يجب المحافظة عليها؛ لتكون رمزاً ملهماً لكل الأجيال.
ومنذ أن اعتمد المؤتمر العالم لليونسكو في العام 1972، الاتفاقية العالمية لحماية التراث العالمي، مازالت إيطاليا تحتل المرتبة الأولى عالمياً من حيث عدد مواقع التراث العالمي بواقع 53 موقعاً تراثياً، في حين تتصدر المغرب القائمة العربية بتسعة مواقع تراثية، وقد وضعت اليونسكو ضوابط ومعايير دقيقة وصارمة للترشح والاختيار، أبرزها: أن يكون الموقع تحفة عبقرية خلّاقة من صنع الإنسان، أو يكون مثالاً بارزاً في نوعية البناء والمعمار، أو يحتوي على ظاهرة طبيعية استثنائية.
المملكة، هذه القارة المترامية الأطراف، الزاخرة بألوان وأشكال التراث والآثار والواحات والصحاري والجبال والبحار والجزر والوديان والنباتات والفلكلور والموسيقى واللهجات والرقصات والمأكولات الشعبية والكثير الكثير من مصادر الفخر والإلهام، تستحق أن تتصدر قائمة التراث العالمي، عربياً وإقليمياً.
أعرف جيداً، أن الأمر بحاجة للمزيد من الجهد والعمل والمال والوقت، وهيئة السياحة بقيادة عرّابها المثابر الأمير سلطان بن سلمان تقوم بذلك بكل حرفية واقتدار، أعرف ذلك جيداً، ولكن - والمشكلة تكمن دائماً في لكن - المواطن السعودي الذي يعشق وطنه حدّ الزهو، يُريد الاستمتاع بزيارة هذه المواقع التراثية والثقافية والطبيعية، سواء المسجلة باليونسكو أو غيرها التي يزخر بها هذا الوطن العزيز.
السعودي، يتصدر «قوائم الترحال»، شرقاً وغرباً في كل أنحاء العالم، فهو يعشق السفر، وأصبح بما يملك من خبرات وتجارب، أشبه بترمومتر حساس ودقيق لقياس مستوى الجودة والخدمة والقيمة، والتي قد تُحرّضه على السياحة والترحال خارج الديار.
تسجيل مواقع التراث السعودي عالمياً، خطوة رائدة تدعو للفخر والاعتزاز، ولكنها ليست سوى بداية لصنع سياحة / ثقافة وطنية عالمية، تكون رافعة اقتصادية وإنسانية لوطن آن له أن يتصدر كل قوائم الفخر.