إلى كل أُمٍ مع التحية
أيُّ كلامٍ يختزل مسمى الأُم، وأيُّ معنىً يليق بجمالها؟
ذلك استفهام يحدد كم مقدار عُمرنا معها، وكم بقيَّ من هذا العمُر ليوفي حقها، وحق كلَّ راحلٍّ عنا بمعنى الوفاء.
أنعتصر الذاكرة لطفولتنا البسيطة، ونحن ندس رؤوسنا تحت سياج «ملفعها المطرز»؛
أم لنحسُب مقدار تلك المسافة التي تحف «سُفرة» الطعام بيننا وبين الإخوان؟!
حقيقة، كلما تجلت أمامي الدروب، وعثرني فحيح الخطوب، وأوهنتني ألوان الشحوب، تشكلت أمام ناظريَّ «اسم الله عليك يا يمّه»، «وما عليك شر يا يمّه»، «والله عليك حافظ»..
لست وحدي من يقال له ذلك فحسب، ولكن أردت أن أقترب من إنسانيتنا قليلاً..
فما حال من ألهب حنينه القدر، وسيجه دموع الزهر..
لطفولةٍ تسأل بعين تائهةٍ: وين راحت «أُمنا»؟!
لم أنس أناملها وهي تدهن رقابنا ساعة الألم، لتضخم اللوز بزيت الزيتون، ليكون ختام ذلك بركة الشفاء «وحده من سبع، ثنتين من سبع بغترة عمي أو أبي»!
وكيف لنا أن نتجاهل ذلك بالنسيان، أم أن الإجابة في تُميرات النخيل المغموسة بدهن «أبو كرسي»، وتهافُتنا عليه بالفرح!
وأيُّ منا لا يتذكر «جدر الهريس»، وقد لفه «سنون طبّاخ أبو فتيلة»، وكأن أعيننا تقول: متى يا «يمّه تضربينها بالمحركة»؟
كل هذا في جانبٍ، وفي الضفة الأخرى خطواتنا حين نودعها ساعات المحن، وهي تتضرع لربنا بالدعاء!
همسة ختام:
«زوروا المقابر فإنها تُذكركم بالآخرة»..
وكيف للأيتام، وهي تحوم كالحمام «الراعبي» حول قبور أمهاتهم، كمسبحة فيروزٍ وعقيقٍ فوق سجادة بوحهم المُتخم بآهات الرحيل؟
تعذريني أجيك البيت
وامر المقبره أكثر
أمي ويا حلو ممشاك
وليش اللوم واتحسر؟!