واحتـنا فرحانة .. عيد الأعياد !

 

 قيل في المأثور: من أضحك طفلاً أضحك نبياً ، وأتـفـقت كتب السماء على ( من أسعد إنساناً نال رضى الله ) ، وهذا ماوجدته في رحلتي أيام عيد الفطر المبارك بالعرس الكبير ، وبالواحة الخضراء ، بمدينة القطيف شرق المملكة العربية السعودية .. حيث ُرسمت أجمل الإبتسامات على وجوه الأطفال ، وبرزت السعادة على ُمحيّا الكبار، وأمتزجت الإبتسامات مع الضحكات وأصبحت لغة كل الحضور بالعيد السعيد ، وحتى ُخـّيل لي إن البحر والشجر قد تسامرا فرحاً مع زوار المهرجان.

عند دخولي البوابة الرئيسية ، أبتسم لي أحد رجال الأمن المتطوعين وكأنه يداعب روحي كي تبتسم ! وتحدث لي مرحباً بلغة الإشارة بتعابير جميلة  وكأنه يعرفني ، فشدني لطفه الملفت إلي أن أبتعـدت عنه ، وما إن بلغت أمتار معدودة بعمق المهرجان ، حتى أرشدتني لائحة جميلة وسهلة إلي مواقع الفعاليات والمعروضات ، وما على الزائر إلا أن يختار مايطيب له ولأسرته .

بالنسبة لي ، فقد أحترت أين أذهب وبأي فعالية أبدأ ؟ فكل الفعاليات مغرية ومحفزة كالفواكه في السلـة .. فالإنارات كثيرة ومتلألأة كعقـد اللؤلؤ الذي يغطي سماء المنطقة ، أما الأرض فقد أفترشها بساط أخضر طبيعي محتضناً ألعاب الأطفال الكبيرة والحديثة .. وبخصوص الخيام ، فهي مكيفة وتغطي مساحات كبيرة ومحاصرة منطقة المهرجان ، ويوجد بكل خيمة فعالية تبهر العـقل وتأسر اللب !  كالمسرح الكبير، الذي يعرض السيرك المصري  ومسرحيتان فكاهيتان ..

الأولى مسرحية ( شرباكة ) من تنظيم مجموعة من فناني المنطقة ، والثانية مسرحية ( عيلة فلة ) إجتماعية وفكاهية ، وهي على أيدي فنانين كبار على مستوى الخليج العربي ، كالفنان القدير علي السبع والفنان الصاعد سعيد قريش ، بالإضافة إلي مجموعة قديرة من الفنانين ..

وبجوار المسرح مباشرة توجد خيمة السوق الكبيرة ، والتي سحرتني بعد أن سافرت بي رائحتها إلي أسواق العرب الشعبية القديمة والمزدحمة . ولن أنسى خيام الرسومات والصور التشكيلية والندوات والمحاضرات الثقافية ، والعلوم الفلكية والتعليمية.

وأخيراً سأحدثكم عما جرى بساحات المهرجان المفتوحة ، فحـقيقة هو إجحاف أن يـبصم الوصف على الورق ، ولا بد أن يشاهد بمرآى العين ، حيث الجماهير الغفيرة أزدحمت حول عدة حلقات ، كحلقة مسرح المهرجين والبهلوانيين المفتوح ، والثانية ساحة إستعراض السيارات الضخمة والمميزة ، وعرض المجسمات الحيوانية الكبيرة ، وآخيراً توقفت عند منطقة المطاعم والمقاهي الترفيهية بجانب البحر ،  حيث أصطفت مئات العائلات تسمر وتأكل وتضحك في مشهد رائع جميل ، وكأن أمواج البحر ترجع صدى ضحكاتهم مع نسيم الهواء .. فلم أستطع كتمان ما بقلبي ، وقلت لمرافقي : أنظر كم هو جميل هذا المنظر ، فياليت المهرجان دائم هنا طول العام وفي هذا الموقع ، كي يرتاده الناس بكل عـطلة أسبوعية .

 بحق كانت ليلة جميلة وسعيدة سينتظرها أهل المنطقة والزوار كل عام بشغف ، كي تتكرر أجمل الأوقات وتعود البسمات والضحكات للكبار والصغار .. لذا أستحق هذا العرس أن يلـقب بواحتنا فرحانة بأحلى عيد للأعياد .

روائي وباحث اجتماعي