رفقاً أيها المظلومون !!

 

لا توجد مشكلة في العلاقات الإنسانية لا يمكنك حلِّها بتناغم وبطريقة تحقق الفائدة لجميع الأطراف المعنية، فحينما تقول أن " فلاناً " صعب المراس، وأنه مشاكس ومُحب للخصام، فهل تُدرك - يا عزيزي - أن الإحتمال الأكبر أنّ رأيك هذا هو إنعكاس لحالتك الذهنية الداخلية؟ ولا يجب أن يغيب عن بالك أيضاً أن الشيء يجتذب كل ما هو على شاكلته، ثم ألا يُمكن أن يكون سلوك " فلان هذا " الغريب والمشاكس والإنتقادي هو انعكاس لإحباطاتك الداخلية وغضبك المكبوت؟ لأن ما يقوله أو يفعله هذا الشخص لا يمكن له أن يؤذيك إلاّ إذا سمحت له بإيذائك ذهنياً، فالطريقة الوحيدة التي يستطيع إيذاءك من خلالها تأتي عن طريق أفكارك فقط.

 إنّ المسؤولية تقع عليك وحدك، لأنك الوحيد الذي تُقرِّر الطريقة التي تفكر بها في الآخرين ، وليس من المُدهش أن تُصادف في الحياة من يصعُب التعامل معهم، فالعديد من الناس في حياتنا اليومية ينزعون للجدل والمشاكسة والمظلومية، وقد صارت عقولهم مشوهة وفاسدة على الأرجح بسبب التجارب السلبية التي مروا بها في الماضي سواءً في محيطهم العائلي،  أو التربوي، أو الإجتماعي، أو المهني.

 من المؤسف أن بعض الناس في الحياة تلازمهم التعاسة دوماً بسبب شيء ما، وهم غالباً ما يكونون حانقين على وضعهم المُعاش أينما حلّوا، وحتى عندما تُذعن لهم لحرصك على أن يسير المركب بسلام لا يشعرون بالرضا !! وهم يعكسون تعاستهم بانتهاج سلوك سلبي، ويجدون متعة كُبرى في تكدير صفو من حولهم، وتحويل بوصلة تفكيرهم للإنشغال بمشاكساتهم بدلاً من المساهمة في تحسين الأجواء، والشراكة الحقيقية في تذليل العقبات، والقضاء على المعوقات.

 بالتأكيد لا يمكنك أن تسعد الجميع من حولك، لأن إعادة رفع معنويات الأفراد الذين يؤمنون أنهم قد تلقوا " معاملة ظالمة " يتطلب تفهماً ولباقة وصبراً، فالتعامل مع الشخص التعيس يعتبر معقداً إلى حدٍ كبير، لأنك لا تملك قوة حقيقية لتصحيح الموقف الذي ربما يقف وراء شعوره بتلك المظلومية، وإحدى الطرق الفاعلة في هذا الجانب هي : أن تكون مُنصتاً يقظاً ومتعاطفاً إلى حدٍ ما، لمساعدة هذا الشخص على تقبُّل الموقف قدر المُستطاع، والإعتذار الأدبي له دون أن تحطَّ من قدرِك، أو تُذهِب هيبتك، أو تنحسر شكيمتك.  

عندما تضطرك الحياة للتعامل مع المحبطين والتعساء، طبعاً ستراودك رغبة جامحة لإعادة توجيه طاقتهم السلبية إلى نحورهم في صورة مقت، ولكي تقوم بذلك، عليك أولاً امتصاص سلبيتهم بداخلك، مع كل ما تنطوي عليه من آثار سيئة على كينونتك، وحاول أن تعمل جاهداً على أن تُقابل الشر بالخير، والإساءة بالإحسان، والقطيعة بالوصل، والغموض بالمُكاشفة، والإقرار بالإنكار، لأن هذا من شأنه أن يمدُّك بدرع واقي تمنع عن طريقه سلوكياتهم البغيضة والحادة من التأثير عليك، أو تحطيم نسيجك العاطفي فتتحول إلى كاره لنفسك، وهذا دونه الهلاك . تحياتي.       

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 3
1
السيد هاشم الساده
[ ام الحمام ]: 26 / 7 / 2011م - 4:25 م
استاذا المتجدد ابا علي

كم نحن في حاجه لمثل هذه المواضيع المفيده جدا والتي تساعدنا على التعامل مع هذه الفئه من الناس والتي طالما تتعبنا بكميه التحطيم و الاحباط لديها

مقال جدا رائع و مفيد

وعلى عجاله اتمنى ان تلبي طلبي في طرح مقال مختص بكيفيه التعامل مع هذه المجموعه من غير ان تؤثر سلباً على معنوياتنا

تحيه لك ولقلمك ولعطائك

السيد هاشم الساده
2
ابراهيم بن علي الشيخ
27 / 7 / 2011م - 10:07 ص
الأخ الرائع : السيد هاشم السادة
لقد تضمن المقال " روشتة " للتعامل مع هذا الصنف من البشر ، ومنها :
1 : أن تكون مُنصتاً يقظاً ومتعاطفاً إلى حدٍ ما، لمساعدة هذا الشخص على تقبُّل الموقف قدر المُستطاع، والإعتذار الأدبي له دون أن تحطَّ من قدرِك، أو تُذهِب هيبتك، أو تنحسر شكيمتك.

2 : امتصاص سلبيتهم بداخلك، مع كل ما تنطوي عليه من آثار سيئة على كينونتك.

3 : حاول أن تعمل جاهداً على أن تُقابل الشر بالخير، والإساءة بالإحسان، والقطيعة بالوصل، والغموض بالمُكاشفة، والإنكار بالإقرار لأن هذا من شأنه أن يمدُّك بدرع واقي تمنع عن طريقه سلوكياتهم البغيضة والحادة من التأثير عليك .
أسعدتني إطلالتك الجميلة .
3
السيد هاشم الساده
[ ام الحمام ]: 27 / 7 / 2011م - 10:42 ص
الاستاذ ابراهيم الشيخ

شكرا لك على ماتفضلت به من ايضاح واضاءه على ماجاء في مقالك الرائع

وانما جاء طلبي من باب طمعي في المزيد من هذه النوعيه من المواضيع

لك وافر التقدير والشكر
إستشاري سلوك وتطوير موارد بشرية