عقلنة الفعل وردود الأفعال !!

#0000cc ; LINE-HEIGHT: 115%; FONT-FAMILY: 'Arial','sans-serif'; mso-ascii-font-family: Calibri; mso-ascii-theme-font: minor-latin; mso-hansi-font-family: Calibri; mso-hansi-theme-font: minor-latin; mso-bidi-font-family: Arial; mso-bidi-theme-font: minor-bidi">كما لا يطير الطير إلاّ بجناحين ، فكذلك هو المجتمع ، بل كذلك هي كل الدنيا ، فمن الإختلاف يأتي التكامل ، ومن التعدد تأتي الوفرة ، ومن التعاون يكون التلاحم ، ولم يذهب بعيداً "هربرت سبنسرH .Spencer  " كأحد رواد الفكر الإجتماعي حين تناول نظرية خاصة في تنمية وتطور المجتمع وهي        " المماثلة البيولوجية " أو المماثلة العضوية ، أي تشبيه المجتمع كالكائن الحي في دورة الحياة .

#0000cc ; LINE-HEIGHT: 115%; FONT-FAMILY: 'Arial','sans-serif'; mso-ascii-font-family: Calibri; mso-ascii-theme-font: minor-latin; mso-hansi-font-family: Calibri; mso-hansi-theme-font: minor-latin; mso-bidi-font-family: Arial; mso-bidi-theme-font: minor-bidi">لقد أراد سبنسر في كتابة " الإستاتيكا الاجتماعية " أن يوضح أن التقدم سواء في مجال الكائنات العضوية أو المجتمع إنما هو تطور من ظروف تؤدي فيها الأجزاء المتشابهة وظائف متشابهة إلى ظروف تؤدي فيها الاعضاء او الأجزاء غير المتشابهة وظائف غير متشابهة أي من الشكل الموحد إلى الأشكال المتعددة أو من التجانس إلى اللاتجانس . حيث يشرح (سبنسر) أراءه مستشهدا بالحياة الإجتماعية بأنها تشبه الحياة البيولوجية فالتطور الإجتماعي في كافة الإتجاهات يقوم على فكرتين هما :

1 : التباين : ويقصد به الإنتقال من المتجانس إلى اللامتجانس ، وقد قرر في هذا الصدد أن في الحياة ميلا إلى التفرد والتخصص ، الذي يصب في النهاية في مصلحة المجتمع ككل ، وهذا ما أكده عالم الإجتماع أيضاً " ماكس ويبر " في نظريته : " التكامل والإختلاف "  

 

2 : التكامل: وهذه الظاهرة تسير جنبا إلى جنب مع ظاهرة التباين بمعنى أن التفرد أو التخصص    لا يؤدي إلى الإستقلال والإكتفاء الذاتي ، ولكنه يؤدي إلى التضامن والتماسك واعتماد الأجزاء والوظائف بعضها على البعض الأخر . فالمجتمع في نظر (سبنسر) جزء من النظام الطبيعي للكون ويخضع لذات القوانين الكونية بصورة أو بأخرى ، وقد سبق أن تم التطرق لهذا الجانب في مقال سابق تم نشره على هذه الشبكة المباركة ، وفي هذ الصدد يقول الباري عزّ وجل : " أَهُمۡ يَقۡسِمُونَ رَحۡمَةَ رَبِّكَ نَحۡنُ قَسَمۡنَا بَيۡنَهُم مَّعِيشَتَهُمۡ فِى الۡحَيَاةِ الدُّنۡيَا وَرَفَعۡنَا بَعۡضَهُمۡ فَوۡقَ بَعۡضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعۡضُهُم بَعۡضًا سُخۡرِيًّا وَرَحۡمَتُ رَبِّكَ خَيۡرٌ مِّمَّا يَجۡمَعُونَ " سورة الزخرف ، الآية 32 . #dd0000 ; LINE-HEIGHT: 115%; FONT-FAMILY: 'Traditional Arabic'; mso-ascii-font-family: 'Traditional Arabic'; mso-hansi-font-family: 'Traditional Arabic'"> وقوله تعالى :    " وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ " سورة هود ، الآية 118

 

#0000cc ; LINE-HEIGHT: 115%; FONT-FAMILY: 'Arial','sans-serif'; mso-ascii-font-family: Calibri; mso-ascii-theme-font: minor-latin; mso-hansi-font-family: Calibri; mso-hansi-theme-font: minor-latin; mso-bidi-font-family: Arial; mso-bidi-theme-font: minor-bidi">وبناءَ عليه فإن أي محاولة لطمس طرف ما وتغييبه عن المشهد العام فرداً كان أم جماعة ، وفي أي حقل إجتماعي كان ، إنما يُعدُّ سلوكٌ يفتقد للحكمة ويتجاهل السنن والقوانين الكونية ، لأنه لا حياة إلاّ مع التنوع والإختلاف ، فلا يمكن لأي مجتمع أو فرد مهما بلغت إمكانياته ، وتنوعت إقتصادياته ، وتضخمت عدته وتزايدت أعداده ، أن يُهمِّش جماعة إجتماعية تشغل ولو حيزاً محدوداً ضمن نسقه التكويني العام بحجة أو بأخرى ، لأن هذا من شأنه أن يتسبب في خلخلة النسق وتنافر مكوناته ، ويضرب في مقتل الروح المعنوية للجماعة ككل ، ويجعلها سهلة الإختراق من ذوي النفوس الحاقدة .

         

#0000cc ; LINE-HEIGHT: 115%; FONT-FAMILY: 'Arial','sans-serif'; mso-ascii-font-family: Calibri; mso-ascii-theme-font: minor-latin; mso-hansi-font-family: Calibri; mso-hansi-theme-font: minor-latin; mso-bidi-font-family: Arial; mso-bidi-theme-font: minor-bidi">العدل بالتأكيد لن يسود إلاّ بسيطرة " القوة الفكرية " على القوى الأخرى وأهمها القوة الدفاعية ، والقوة الشهوانية ، لأن كلا القوتين لا مكان للعقل في بنائهما ، بل يعمدان إلى تغييبه تحت مبررات الغاية وضرورات الهدف ، وبهذا فإن إعتماد أي منهما في إدارة الأمور لن يَنتج عنه سوى الدمار والخراب ، وإشاعة الكراهية ، والدخول في دائرة ملتهبة لردود الأفعال التي لا تُحمد عُقباها على الإطلاق مهما كانت إمكانيات الطرف المعزول متواضعة ، ومن هذا المنطلق فإن اللجوء للقوة الفكرية أمرأً لا مفرّ منه كأساس لعقلنة الفعل الإنساني طال الزمان أم قصُر ، لأنها أي : " القوة الفكرية " هي التي نقلت الأمم المتقدمة اليوم من عصر التناحر والتخلف والتبعية إلى عصر الفاعلية والتأثير ، ومن دول المحيط إلى دول المركز.     أليس كذلك ؟ وطني لو شغلت بالخلد عنه    نازعتني إليه بالخُلدِ نفسي . تحياتي .

إستشاري سلوك وتطوير موارد بشرية