الآن قبل فوات الأوان

ربما تتفق معي ، أو تختلف ، لستُ أدري ؟ في أن النجاح يكمن في إختيار المعاني العميقة للحياة ، لأنه أهم بكثير من النجاح بمعايير هذا العصر الحديث ، فالنجاح على صعيد المال يُعدُّ واهياً إذا لم يشعر الإنسان بالرضى عن نفسه وإن خسِر مبادئه وأخلاقه . ولم يعرف السعادة الحقيقية .

 

كُثر هم الأشخاص الذين يُعتبرون ناجحين اليوم ، لأنهم أثرياء مادياً ، غير أنهم لا يملكون أي هدف ، ولا معنى لحياتهم البتة ، ذلك لأنهم لا يُخصّصون وقتاً لعيش حياة أكثر تكاملاً  ، ونتيجة لما يفعلونه بأنفسهم ، والإنشغال الدائم بالنجاحات التي يحققها نظرائهم الآخرين فإنهم يحصدون الضغط النفسي ، والكبت ، والغضب الشديد الذي يتلف أعصابهم .

 

في الحقيقة يغري بعض الناس الغارقين في العمل أنفسهم بفكرة أنهم سينعمون في      " وقت لاحق " بحياة مليئة بالنشاطات الحرة ، والإسترخاء ،  والرضى والسعادة ، وقت سيتمكنون فيه آخيراً من التخفيف من مشاغلهم ، وبالتالي الإستمتاع بوقتهم ، إنهم ينتظرون اليوم الذي يتملّكون فيه مبلغاً كافياً من المال ، أو اليوم الذي يتقاعدون فيه ، ويتقاضون مستحقاتهم ، لا سيما إذا كانوا يعملون في إحدى الشركات التي تعمل بنظام الإدخار . والذي يحوِّلهم دون أن يُدركوا إلى آلات ألمانية لا تكلُّ ولا تمل من ماراثون الجهد المضاعف بلا رحمة ولا هوادة ، وأكاد أجزم أن البعض بات أسيراً لهذا النظام " الحنون " !!  وللأسف الشديد أن هذا اليوم المُنتظر نادراً ما يصل إليه هؤلاء الناس ، فأما أنهم يكونوا في ذمة الله قبل بلوغه ، أو أنهم يبلغونه بعد أن فقدوا القدرة على الإستمتاع بمالهم ووقتهم لسبب أو لآخر ومنها تغيُّر سلّم الأولويات ، أو إهتزازه على أقل تقدير ، مع التأكيد حتماً على أنه ليس بإمكان أي نظام مهما بلغت قوة جذبه أن يستعبد الناس ، بل على العكس تماماً هم الذين يرتضون العبودية له جرياً وراء مصالحهم التي لا قعر لها .

 

إذا كان نمط حياتك غير صحي بسبب سعيك الدائم لكسب المال ، فأنت فقير مهما بلغت ثروتك ، ولن تزدهر حياتك إلاّ إذا حققت التوازن بين عملك وحياتك الخاصة ، وأمضيت ما يكفي من الوقت مع ذاتك أولاُ ، والأهل والأصدقاء أيضاً ، فقد تأكد للباحثين أن الأفراد الذين يجدون الوقت للقيام بالنشاطات التي يستمتعون بها ، يشعرون بسعادة أكبر ويطول عمرهم ، من أولئك الذين يغرقون في أعمالهم والروتين اليومي على حساب حياتهم الخاصة والإجتماعية . فسارع إلى إنقاذ نفسك يا عزيزي ـ إن كنت من هؤلاء ـ قبل فوات الأوان ،      مع أمنياتي لك بالسلامة والسعادة الأبدية . تحياتي .

 

إستشاري سلوك وتطوير موارد بشرية