الإنقاذ المُدمر !!

إنّ الإنقاذ والرعاية يعنيان ما يوحيان به ، فنحنُ ننقذ الأشخاص من مسؤولياتهم ، ونهتم بهم بدلاً عنهم ، ثم نغضب منهم ، بسبب ما نقوم به ، ثم نشعر بالأسى لأنفسنا حيث يتم إستغلالنا . إن الإنقاذ والرعاية مترادفان ، ومعناهما قريب من أشكال المساعدة المدمرة .

إننا من أجل تحقيق ذلك الإنقاذ : نقوم بعمل أشياء لا نود القيام بها ، ونقول " نعم " في وقت كنا نرغب فيه أن نقول " لا " ، ونقوم بعمل أشياء لشخص ما ، على الرغم من قدرته على القيام بها ، بل ويجب أن يقوم بها بنفسه ، وأننا نقوم بعمل أكثر مما هو مطلوب منا بشكل يستنزف كل طاقتنا ، كما نقوم وفي سرور تام بالحديث عن شخص آخر يهمنا ، والقيام بالمزيد من الأنشطة المشتركة بيننا وبين الآخرين وكأننا نعمل بمفردنا ، ونتألم بدلاً من الآخرين ، ونزهد في أوقات كثيرة في طلب ما نريده أو نرغب في الحصول عليه ، وكل ذلك يحدث منّا تحت مبررات تبدو إنسانية ومنطقية مثل : التعاون ، الشفقة ، التوتر ، الرعاية ، التقوى ، البر ، تفادي الشعور بالذنب والتقصير ، الإحساس بالمسؤولية تجاه شخص ما ، وغيرها .... !!

إنّ هذا الإهتمام الغير منطقي بالغير يشبه تصرفات الصديق المزيّف ، فهو يتطلب عدم الكفاءة من الشخص الذي نحن نهتم به تحت سقف تلك العناوين وسواها ، إننا بهذه التصرفات نعتقد بأننا نقوم بإنقاذ الضحايا الذين ليسوا قادرين على مساعدة أنفسهم بشكل أو بآخر ، ولكننا في الحقيقة نكون نحن الضحايا ، لأن هؤلاء في الواقع يملكون القدرة على القيام بما يحتاجون ، ولكنهم غالباً ما يكونوا منتظرين حضرتنا في إحدى زوايا المثلث ، لنقفز معهم بين لحظة وأُخرى ، وعندما يتم منا ذلك ونقوم بإنقاذهم ننتقل إلى الزاوية الأخرى من المثلث وهي الشعور بالإضطهاد لا سيما عندما لا يثمِّن من قمنا بإنقاذه جهودنا من أجله ، أو النصيحة التي أسديناها له ، ثم نغضب من موقفه هذا ونعامله بجفاء !!

إنني هنا لست أدعو إلى التخلي عن مساعدة الآخرين ، أو إلى التعامل بجفاء مع من يتوجب علينا مساعدتهم ، أو القيام بعملية إنقاذ سريعة وعاجله لهم لننتشلهم من الوضع المزري الذي وجدوا أنفسهم فيه ، ولا أحث على عدم التعاون وقطع جسور التواصل مع الآخرين ، أو تجاهل من يصل إلينا صوته مستنجداً ، أو التشكيك في نوايا الآخرين من حولنا . إنما لا يجب أن نعيش بدلاً عن الآخرين حتى وإن كانوا من أقرب المقربين إلينا ، لأن كل إنسان يجب أن يتحمّل مسؤولية حياته ما دام أنه يستطيع ذلك ، وبإمكاننا المشاركة في تسهيل الأمور بشكل بسيط ومُحدّد ، ولكن أن نتحمل فوق طاقتنا ، أو أن نغرق في مشاكل الآخرين فهذا ما لا يجب على الإطلاق .
   
إننا في الغالب نعطي أكثر مما نأخذ ، وهذا سلوك ممدوح وحسن ، ولكن ما هي مشاعرنا في المقابل إذا لم نجد من حولنا من يهتم بنا ، ويساعدنا في قضاء حوائجنا ، بالتأكيد ستقول لي يا عزيزي إنك ستشعر بالإحباط الشديد لو حدث لك ذلك ، وسيكون الألم أكثر ضراوة وأشد عمقاً عندما يكون من تعتقد أنه قد  تخلّى عنك في محنتك هو أحد الذين كنت تتوقع منهم سرعة المبادرة ، وليس الإنتظار حتى تطلبه . من هنا أود أن أقول لك : بأنه يتوجب عليك أن لا تهتم بالآخرين بصورة تؤذي ذاتك ، وتفقدك الشعور بالرضا ، فلا يوجد أحدٌ في الكون كله سيعطف عليك إذا أنت أهملت ذاتك . تحياتي . 

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 2
1
ABU JAWAD
[ القطيف -اأم الحمام ]: 19 / 1 / 2011م - 9:28 ص
أستادي أبوعلي ,, يبقى الإنسان يحتاج لأخيه الإنسان وهذا أمر طبيعي أسأل الله لك التوفيق وأن لايحرمنا من قلمك المفيد ... أبوجواد القيصوم
2
ابراهيم بن علي الشيخ
21 / 1 / 2011م - 5:05 م
أخي الحبيب : أبو جواد
مما لا شك فيه أنه ليس للإنسان غنى عن الإستعانه بأخيه الإنسان لإشباع إحتياجاته ، ولكن ليس على حساب أولوياته . دام تواصلك .
إستشاري سلوك وتطوير موارد بشرية