أوقفوا هؤلاء عند حدودهم !!

إنّ الإنتهازيين هم الأشخاص الذين يُضخِّمون المشاكل أو الموضوعات أكبر من حجمها الحقيقي ، ويعطونها عادة إهتماماً أكثر مما تستحق أما للإضرار بالآخرين الذين لا يتفقون معهم   أو لإحراز مكسب شخصي على حساب الآخرين وبأقصر الطرق .
 
إنك تستطيع أن تكون إنتهازياً لمرة واحدة ، وبعد ذلك فإنك سوف تُوصف بأنك شخص لا يهمُّه سوى تحقيق مصلحته الشخصية ، حيث أن هناك فارق كبير بين التحمُّس للشيء ،   والإنتهازية ، فالأشخاص المتحمسون يؤمنون حقاً بشيء ما ، ويُحاولون أن يتغلبوا على الآخرين بنوايا حسنة ، وحتى وإن إرتكبوا أخطاءاً فإنه بالإمكان تفهمها وتلمُّس الأعذار لهم ، أما الإنتهازيون فهم من يحاولون أن يتقدموا على الآخرين عبر أي وسيلة كانت لأنهم يؤمنون بالمذهب الميكافيلِّي في تحقيق الأهداف ، فالغاية لديهم تبرر الوسيلة ، ولا يهمهم على الإطلاق إن كانت الوسيلة مشروعة أو غير شريفة ، لأن الوصول للهدف هو الذي يحتل الأولوية أمّا أدوات تحقيقة فلا يحكمها ضابط ولا تقف عند مُحرّم !!   

 بالتأكيد إن ذاكرتك الشخصية تستحضر الآن أكثر من نموذج لهؤلاء الإنتهازيين ، ربما صادفت أحدهم في العمل ، أو في النادي ، أو مع الأصدقاء ، أو في المدرسة ، أو بين رفاق اللعب عندما كنت طفلاً ، أو حتى في محيط الأسرة ، لأنه لا يخلو أي تجمع بشري منهم ، يختلفون في الممارسة ، ويتلوّنون في الوسائل ، ويتنوعون في سقف الأهداف ، ولكنهم يتماثلون في المضمون . إنهم يتحينون الفرصة تلو الأخرى للإنقضاض عليها دون رحمة ، فهم لا يعيرون إهتماماً إلى من يقع فريسة لإنتهازيتهم ، لأنهم غالباً ما يرددون " مصائبُ قوم عند قوم فوائدُ " فلا يرفُّ لهم جفن ، ولا يخشع لهم قلب ، عندما يرون المآسي التي يتعرض لها الآخرون ما دام أن ذلك سيصب في صالحهم ، وسيفتح لهم المجال لإستثمار الظروف وتحقيق المآرب التي يحلمون بها ، فلا علاقة لديهم بين المشاعر والمصالح إطلاقاً .       

ربما أنت تعاني من حيرة خانقة في التفريق بين الصالح والطالح ، بين المخلص لك والمتطفل عليك لمصلحته ، ولربما تداخلت عندك ألوان الناس في بعضها البعض فأصبحت تتوجس خيفة من كل البشر لا سيما الذين يتحدثون بطريقة لبقة ومهذبة ظناً منك بأنهم إنما يفعلون ذلك لتحقيق مآربهم ، وكذلك بتَّ تخشى الذين يتكلمون كلاما معسولا لأنهم كما تعتقد يخفون وراءهم هدفاً غير مشروع ، وقد اتخذوا من الأخلاق والكلام الطيب والتقرب إليك رداءً وقناعاً ليخفوا زيف حقيقتهم الإنتهازية ، وبدأت تفكر فعلاً في طريقة نهائية للتخلص منهم والإنعتاق من إسلوبهم المكشوف والمفضوح لديك لتستريح من الضغط النفسي الذي يجتاحك بسببهم ليل نهار .

هوِّن عليك يا عزيزي فهذه الفئات لا يمكنك التخلص منها مهما حاولت ذلك ، لأنها متغلغلة في أوساط البشر وهي قديمة قِدم التاريخ منذ أن وطأ الإنسان وجه البسيطة ، وقد تمكنّت وللأسف من نشر ثقافتها التبريرية لممارساتها النفعية بين الناس وحتى في أعلى المستويات " تصوّر ما شئت " فالإلتفاف على كل القيم و المثل و سحقها تحت الأقدام و التلاعب بمفاهيمها من أهم وسائلها للوصول إلى غاياتها العفنة ، الأمر الذي جعل من هذه الفئات و لا زالت عقبة كأداء أمام مسيرة التطور والرقي . ولكن الشيء الوحيد الذي تملكه  هو أن تكون في يقظة تامة وتحُول بينها وبين ما تريد،  وكفى . مودتي .

إستشاري سلوك وتطوير موارد بشرية