أبطال التضخيم !!

يقولون صنع أو يصنع من الحبة قبة : ( To make a mountain out of a molehill)  وهو تعبير مجازي شهير يُقصد به الدلالة على كل من يُضخِّم الأمور ويجعلها تتجاوز حجمها الطبيعي حتى وإن كانت تافهة ، وقد لا تخلو جماعة إجتماعية حتى وإن كانت صغيرة من تواجد أحد فيها يتصف بهذه الصفة المرضيّة التي تؤدي إلى إرباك بقية أعضائها وتتسبب في إثارة جوٍ من التوتر والإنفعال وعدم القدرة على التفكير السليم في أحيان كثيرة لا سيما إذا كان ذلك الشخص قادراً على ترجيح قناعة من حوله بصواب وجهة نظره والتسويق الضاغط لأفكاره ومبرراتها العتيدة والمعتبرة .

هذه الشريحة من الناس التي تصنع من الحبة قبة يتصف أصحابها بالقلق الحاد وغياب الإستقرار النفسي ، كما أنهم يُعدُّون ممن هم خائري الذات ، وتسيطر عليهم الأوهام والوساوس ، كما أنهم يعانون من عقد إنفعالية مكبوتة وصراع نفسي يحول دون تمكنهم من وضع الأمور في نصابها السليم وحجمها الطبيعي الذي يقبله العقل ويصدِّقه المنطق .

ربما تستحضر ذاكرتك – يا عزيزي - بعضاً من هؤلاء الآن وأنت تقرأ هذه السطور  وتستحضر معهم أيضاً ما سببه لك إسلوبهم المَرَضي من قلق وإرباك أدّى إلى فقدك لإتزانك  وانحراف قواك العقلية التي كنت على ثقة تامة فيها فلم تتمكن والحال كذلك من إتخاذ القرار الصائب الذي كنت تراه مناسباً آنذاك ، وقد كان بإمكانك أن لا تنساق إلى رؤيتهم ، وأن لا تتأثر بوجهة نظرهم ما دام انك كنت تمتلك البصيرة والرؤية الفاحصة والموضوعية التي إكتسبتها من خلال تجربتك الحياتية الخاصة التي كانت تؤهلك لمقاومة تلك الرؤى الزائفة . 

هل تتفق معي في أن هؤلاء الناس يجب أن لا نشركهم في أمورنا ، ولا نستشيرهم في قراراتنا ، وأن نبعدهم عن كل ما يخصنا ، لأنهم لا يملكون البصيرة التي يُمكننا توظيفها وإستثمارها في كل ذلك ، لأنهم ببساطة يتصفون بالإندفاع والتهور في حل المشكلات   وتحميل الأمور أكثر مما تحتمل ، كما انهم يفتقدون إلى المقدرة على الكف الإرادي ، والتحكم في إنفعالاتهم وسلوكهم المتطرف على الدوام ، وسحب تجاربهم السابقة على أمورهم اللاحقة وهذا فيه الكثير من البعد عن الموضوعية حيث أن لكل موقف التصرف المناسب الذي يتلاءم من طبيعته التكوينية والظروف المحيطة به ، وهم بهذه النفسية المضطربة يدفعون بمن حولهم إلى مربع الإهتزاز النفسي والنظر إلى الأمور من الزاوية الخطأ وبالتالي إرتكاب الأخطاء الفادحة في تقدير الأمور التي ربما تجلب العداوة والبغضاء .                    
 
يجب على هؤلاء مواجهة الواقع بصورة موضوعية وراشدة ، وتنمية نمط " القيادة الموقفية " في شخصياتهم ، وعدم الإنجرار أو الإستجابة إلى الأوهام ، والتحكم في إنفعلاتهم حينما يُطلب منهم إبداء الرأي تجاه الأحداث التي لا تخصهم بمفردهم ، وأن يعملوا على إرجاء الحلول للمشاكل المطروحة حتى طاولة النقاش بدلاً من تجاهلها أو الفرار منها بتضخيمها وجعلها مستعصية لا يمكن تفكيكها أو إيجاد الحلول المناسبة لها ، متأثرين في ذلك بفكرة تحكمية سابقة ، فيساهمون بهذا الإسلوب العشوائي في إرباك البيئة الإجتماعية من حولهم وهذا ما يجب على أصحاب البصيرة الثاقبة تفويته عليهم بإصرار . تحياتي .

إستشاري سلوك وتطوير موارد بشرية