فكرتي بين حبات اللؤلؤ وعطر الياسمين
في محاولة أنيقة، وأنا أغوص في أعماقي لاستثارة إحساس يجمع بين الجمال والرقة، يقودني لاستحضار فكرة أهمس بها في أذن القارئ العزيز. فمن خلال حروفي المتواضعة التي تنساب من قلمي، أنثرها كحبات اللؤلؤ وعطر الياسمين في حضور فكرة تمخضت من خلال البساطة والعمق.
فالعمق يتطلب منا الغوص في أعماقنا والتأمل في نفوسنا، واستخراج أجمل ما فيها من صفاء ونقاء، كاللؤلؤ الذي يحتاج إلى صبر ليكتمل في الأصداف. ولكي نكون متفردين في جوهرنا كتفرد الأشياء القيمة والنادرة، لا بد من الصبر.
فقبول الواقع والاعتراف به يشكل ملاذًا يمنحنا السكينة والهدوء، ويجعلنا نحترم مفردات الزمن وكلمات الحياة؛ فكل الأمور تحدث لحكمة خفية لا نعلم أسرارها. فالانشغال بما هو خارج السيطرة يُعد عبثًا يرهق التفكير ويعطل الحركة، ويعكر صفو العيش، ويعيق التقدم.
فلنتوقف عن مقاومة ما هو خارج سيطرتنا، استنادًا إلى قوله تعالى:“مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ «22» لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ”«- 23». سورة الحديد
إن تجاربنا الصعبة والقاسية ما هي إلا فرص لنمونا وتطورنا. فالاستسلام هنا لا يعني هروبًا أو توقف الحياة عن السعي نحو الأفضل، بل يعني مواصلة للحياة والانسجام مع الظروف المحيطة وتقبلها مهما تكن النتائج، فنحن جزء من منظومة كونية تؤثر وتتأثر.
فالواقعية والقبول هما إرادة وقوة تمنحنا سلامًا داخليًا وراحة نفسية. كل تحدٍّ هو فرصة للتعلم تزيدنا نضجًا، وتعد تجربة تصقل ذاتنا لتخرج أجمل ما فيها.
برؤية أكثر وضوحًا ومرونة، يتم التأقلم مع الظروف الصعبة. بين ما يمكن تغييره وما يجب قبوله هناك مسافة فاصلة، تتجلى فيها تدابير الحياة وقوانينها الخارجة عن الإرادة.
من أجل اكتشاف آفاق جديدة أكثر إثارة وتطويرًا لحياة أفضل، نلجأ إلى التغيير برغبة في تحقيق أحلامنا، فنمنح أنفسنا فرصة للتغيير لنتجاوز حدود المكان والزمان ونحلق في سماء التغيير لخلق التوازن.
التغيير هو رحلة نحو عالم النور؛ فكل الكائنات تشتهي التغيير وتسعى إليه، متطلعة للنمو والتجديد، فتنشر عطرها في الأرجاء، وتفوح منها رائحة الياسمين تلك الرائحة الحالمة والمنفتحة على كل العوالم.