ماذا أسميهم؟ حثالة أو زبالة؟

أتصل بي الأب وقال: أستاذي! لا أعرف ماذا أقول لك، ولا من أين أبدأ، فإن قصتي مخجلة جداً، ووالله أستحي من أن أصرح بها، لكن أحببت أن أوصل النصيحة عن طريقك، فقلت له تكلم، فقال:

كنت برفقة أبني المصاب بالتوحد المنغولي، فهو في الخامسة عشر ربيعاً، بدين ورأسه صغير، وبعقل طفل، واللعاب يسيل منه، وقد أخذته معي صباحا الي السوق الشعبي لكسر روتين البيت ومركز التوحد الذي يزوره أسبوعيا، ومن أجل أن يتنفس الحياة مثل باقي البشر.. وبعد جولة بالسوق، بعد أن هربنا من نظرات البشر التي ترميه بنظرات الانكسار كونه معاق عقلياً، وكذلك ابتعاداً من بعض الصبية الذين يحاولون المزاح معه ورميه بكلمات السخرية!

فرغت من التسوق، فـتركت أبني بالسيارة لشراء حاجة نسيتها، فاختفيت عنه لخمس دقائق فقط، وعند عودتي! شاهدت رجل أربعيني وبلباس وطني كان بقرب السيارة، وما إن رآني حتى فـر مهرولاً، وكان أبني فاتحاً النافذة وبيده حلاوة مصاص، فركبت السيارة وسألته من أين لك تلك الحلاوة، فأشار الي الرجل، فسألته مرة أخرى: وماذا يريد؟ « أعتقدت إنه عاطف عليه ويريد أن يواسيه أو يمازحه » ففاجأني أنه أعطاه ورقة، فناولني إياها، فصعقت عندما فتحتها، فبها رقم جواله ومكتوب « أتصل بي إذا خرج أبوك ».

هل تعرف أستاذ فوزي ماذا يريد هذا المجرم اللعين؟ هل تعرف ماذا حصل بي أثناء تلك اللحظات؟ والله ثم والله لقد شلت قدماي، ووقف قلبي، واسودت الدنيا بوجهي، ونسيت حتى أسمي وأسم أمي وأبي! تخيلوا يا ناس! هذا الشخص المسمى إنسان يريد أن يلوط بأبني المريض المنغولي، الذي يسيل اللعاب من فمه، والله هو كالعصفور البريء، صدقوني!

بمجرد أن تشاهدوه ستبكون مثلي.. يا ناس! يابشر! رسالة مني إليكم، هذا الزمان مخيف جداً، مخيف والله مخيف « كررها ثلاثا »، إنهم حتى لم يتركوا المعاقين والمختلين عقلياً وجسدياً، فما بالكم بأبنائكم وبناتكم المعافين حفظهم الله، أرجوكم! هي رسالة ضعوها حلقة بعقولكم، أفتحوا عيونكم على أولادكم! والله نحن وسط ذئاب، رحم الله الذئاب عن هؤلاء، ماذا تسميهم أستاذ فوزي؟ أرجوك تكلم!! فقلت له: رسالتك وصلتك، ولا أستطيع أن أجد لهؤلاء أي وصف، فهم أوضع من حثالة وزبالة البشر. وأترك التعليق لكم.

روائي وباحث اجتماعي