وش بيقولوا عنا الناس؟!

 

 

نشأت معظم العادات والتقاليد لتغطية حاجات معينة لدى الإنسان، وهي بالتأكيد من صنع البشر لذلك فهي تخضع للتطور بشكل مستمر تبعا لتطور وتغير البيئة التي يعيش فيها الإنسان. وللعادات والتقاليد دور كبير في حياة كل منا، وقد نجد أنها أحيانا تهيمن علينا وتحكم تصرفاتنا وأفعالنا حتى في أبسط الأمور كالمظهر الخارجي للإنسان وطريقة كلامه وتعامله مع من حوله، كما أن كون الإنسان تقليديا أحيانا يعطيه ميزة أو احترام أكثر وربما "هيبة" في بعض المجتمعات، ولكننا لا نغفل عن أنها بالمجمل تشكل الصورة الحضارية والهوية الثقافية للفرد خصوصا والمجتمع عموما.

يحدث أحيانا أن نتصادم مع العادات والتقاليد ونكون حينها في موضع حرج جدا, ونكون عرضة للنقد وأمام تحدي الخروج عن المألوف. وهذه الحالة لا تقتصر أبدا على مجتمعاتنا العربية والإسلامية بل تحصل أيضا حتى في المجتمعات الغربية كذلك، بغض النظر عن أن المجتمعات الشرقية عادة ما تكون محافظة أكثر من غيرها.

(وش بيقولوا عنا الناس ؟؟!)

جملة لا أستسيغها أبدا ! تشعرني بأنني تحت رحمة الناس وتغضبني كثيرا لأنني لا أطيق أن يكون الناس معيار صحة أفعالي من عدمها، صحيح أنه يجب على كل منا أن يسير وفق مبادئ ومعايير عامة، لكنه لا يعني ذلك أن تكون آراء الناس وأمزجتهم هي المقياس الحقيقي لصحة أفعالنا، فلو تبعنا التيار العام وسايرناه في كل صغيرة وكبيرة لضاعت استقلالية الفرد ومعاييره الخاصة وأحكامه الشخصية على ما يراه منسجما مع طريقة عيشه وطبيعة حياته ماديا ومعنويا وهنا تكمن الصعوبة في بعض الأحيان عندما ننساق وراء بعض العادات.

نعيش اليوم حالة خلط حادة بين العيب والحرام حتى أمسينا اليوم لا نفرق بين ماهو "عيب" وماهو "حرام"، والسبب في ذلك يرجع إلى التقديس والتشبث بالعادات والتقاليد التي قد لا تكون منبثقة من الدين وكذلك غياب الموزانة والوعي الإجتماعي الكافي، في حين أنه لا قدسية لهذه الأعراف ما لم تؤكد على القيم الدينية.

نعلم جميعا أن عادتنا وتقاليدنا تحتمل الصحة أو الخطأ ماسوى ما يكون نابعا من توجيهات المعصوم، لذلك وجب علينا أن نكون أكثر توازنا بين الموروثات الثقافية وتطلعات المستقبل، فليس بالضرورة أن تكون الأفكار قبل خمسين سنة صالحة لليوم، وكذلك أفكار اليوم قد لا تتوافق مع مجريات وأحداث المستقبل البعيد.

عضو نادي اقرأ كتابك