ماذا يحصل عندما لا تقرأ

ينزعج البعض من كثرة الحديث عن القراءة وأهميتها وإيجابياتها، وما يمكن أن يكتسبه الإنسان منها، ويطرح سؤالًا على هؤلاء الكتاب «ماذا لو لم أقرأ؟ ماذا سيحصل لي لو عشت عقودًا سبعة لم أقرأ خلالها حتى كتابًا واحدًا غير الكتب المدرسية أو الكتب المرتبطة بالعمل إن اضطررت؟».

بلايين من الناس جاؤوا إلى هذا العالم وعاشوا عقودًا عدة، ثم ماتوا ولم يفتحوا كتابًا واحدًا، وكثير منهم لم يكونوا فاشلين، فلماذا هذا الإصرار على القراءة؟ لماذا بالله عليكم؟

وللإجابة على هذه التساؤلات أعرض هنا بعض الآراء؛ التي استقيت بعض أفكارها من كتاب آخرين.

عندما لا تقرأ، سوف تفقد الكثير من تجارب الآخرين؛ الذين أفنوا أعمارهم حتى اكتسبوا هذه التجارب، ثم سطروها في كتاب بسعر بخس لمن يريدها.

عندما لا تقرأ، فإنك سوف تعرف فقط عن البلدان التي زرتها، ولن تعرف عن تلك التي لم تزرها وكتب عنها في أدب السفر والرحلات.

سوف تعيش عمرًا واحدًا فقط، فهل يكفيك هذا العمر؛ كما يقول الأديب العقاد؟

سوف تصبح أسيرًا لأفكارك الخاصة وتجاربك الشخصية التي مررت بها أنت، وقد تبدأ من الصفر أو من رقم قريب منه، لا من حيث انتهى الآخرون.

سوف يعتمد تشكيل شخصيتك على عامة الناس، وستكون منساقًا إلى أفكارهم أو ما يسمى ثقافة القطيع. وبهذا قد تكون أسير ما يسمى «الاستلاب الفكري» حين تضيع ذاتك وتذوب في ذوات من لا يستحق من الآخرين. أو كما يقول الكاتب العماني نعيم الفارسي: حين تنشأ بلا قراءة، يتولّى المجتمع «ودهماء الناس» رسم شخصيتك وتشكيل أفكارك؛ ولكن حين تقرأ بكثرة تتولّى النخبة «وخواص الناس» توجيهك وبلورة أفكارك.

سوف تفقد آراءً وأفكارًا تراكمت عبر آلاف السنين، وتم تناقلها من فيلسوف إلى آخر ومن مفكر إلى آخر ومن مثقف إلى آخر، كل يضيف إليها بعض الشيء حتى تراكمت وأصبحت على ما هي عليه اليوم. فلسنا بحاجة اليوم لاختراع العجلة من أجل أن نتقدم، بل نبني فوق العجلة حتى نصل إلى ما هو أفضل.

عندما لا تقرأ، فإن أوقات فراغك ستكون مع الناس، ومع القيل والقال، ومع حياة المجاملات، أو كما قال أحدهم: كلما ابتعدتّ عن الكتب عاقبني الله بالناس.

· «هناك من لا يستطيع تخيُّل العالم بلا طيور، وهناك من لا يتخيل العالم بلا ماء، أما بالنسبة إلي، فأنا غير قادر على تخيل العالم بلا كتب.» «بورخيس»