مدروسة وممنهجة...!

بعد لقائنا بعدة أيام، تلقيت دعوة منه لحضور لقاء تعريفي موسع عن الشركة سيشرح فيه بالتفصيل كل ما نحتاج لمعرفته كأعضاء جدد. عندما وصلت، أصر أحد منظمي اللقاء على ألا أدخل حتى أدفع رسوم الانضمام وأخذت أحاول إقناعه أولاً أنني مدعوة، وثانياً أنني لم أقرر الانضمام بعد، لكن بلا جدوى! بعد مناوشات مستفيضة، حضر صاحب الدعوة وأمره أن يسمح لي بالدخول. قاعة متوسطة، كراسي مصفوفة، سبورة بيضاء للكتابة والتخطيط، شاشة كبيرة لعرض تقديمي ومتحدث تدرب على العرض كثيراً ليستطيع إقناع الحضور بفكرته.

بدأ عرضه بالحديث عن مصاعب الحياة وارتفاع الأسعار المستمر وبأس العاطلين وصعوبة إيجاد وظيفة، ومَن حالفه الحظ وتوظف، فالوظيفة التزام وعبودية والمقابل لا يعادل الجهد المبذول والوقت الضائع من العمر. ومرة أخرى تخلل عرضه الكثير من الأسئلة للحضور لشد انتباههم وإشعال حماسهم. فتارة يسأل هل راتب الوظيفة يكفي الحاجة؟ ثم يسأل عن عدد الموظفين بين الحضور، ومَن يعتقد أنه يكفي ليرفع يده! وتارة يسأل مَن يحب السفر؟ وهل سمحت له حالته المادية بالسفر؟ مَن يتمنى رفع دخلهم ليعيش حياة أكثر راحة؟

بعد ذلك بدأ بشرح الأساليب، التي تضمن لنا إقناع الأشخاص بالانضمام. لقد كانت الأساليب ممنهجة ومدروسة بإتقان وكان المحاضر يعرضها وكأنه بروفيسور في إحدى الجامعات العريقة. أخبرنا بأن أول نقطة هي تطوير الذات والتدريب المستمر على التحدث والإقناع ثم البحث عن شركاء، الذين أسميهم أنا «الضحايا المحتملين». وجه لنا سؤالاً عن عدد الأرقام في هاتف كلٍّ منا؟ وكانت إجابة أغلبنا أنها بالألوف طبعاً. فأخبرنا بأن تلك الأرقام هي هدفنا الأول، ويجب علينا كتابتها جميعاً وعدم تخطي أيٍّ منها حتى رقم بائع الخضار في الحي لأن أي شخص هو «عميل محتمل»!!

بعد كتابة الأرقام، نقوم بفرزها وتجميعها على أساس مستوى تعليم كل شخص ووظيفته. ثم سألنا، لنتخيل أن لدينا مجموعة من خريجي الثانوية، ومجموعة من خريجي الجامعات ومجموعة من الأطباء فبمَن نبدأ؟ تفاوتت الإجابات لكن استقرت الأغلبية على خريجي الجامعات والأطباء بحكم أن مستوى تعليمهم سيسهل علينا التحدث معهم. فأخبرنا بأن من الخطأ البدء بهم لأنه من الصعب إقناع تلك الفئة، ويجب البدء بمَن مستواهم التعليمي أدنى مفترضين أن إلمامهم بمختلف الأمور أقل وإقناعهم أسهل. وبعد تجنيد عدد لا بأس به، ننتقل لمَن مستواهم التعليمي أعلى، الذي سيساعدنا في إقناعهم الحشد، الذي جمعناه قبلهم!

ثم سألنا، ماذا عن العائلة؟ هل نحاول «تجنيد» أي فرد من العائلة؟ وكان ردنا بنعم لأننا نريد الخير والثراء لعوائلنا أيضاً. فأخبرنا بأن الدراسات أثبتت أن أكبر المحبطين لأي مشروع جديد هم العائلة لذلك يجب الابتعاد عنهم!

قبل أن يختتم اللقاء، عرض علينا صوراً لمؤتمرات إقليمية يتهافت عليها المشتركون من جميع أنحاء العالم ويدفعون جميع تكاليف الرحلة فقط لحضورها. ثم استضاف دكتورة في التنمية البشرية لدعمه. ألم أقل لكم إنها أساليب ممنهجة ومدروسة بعناية؟

 

كاتبة صحفية