طلاب القطيفِ يزورون «مكتبة جدل» ويتعرفون على أبرز أركانها المعرفية

شبكة أم الحمام صحيفة جهينة

ذه الزيارة بتنسيقٍ من رائد النشاط المعلّم هاني البناي، ومشاركة من المعلّمين عبّاس الصايغ، وعبدالعزيز آل حرز.

وكانَ لاستقبال «صاحب المكتبة» علي الحرز للطلبة الزائرين، عظيمُ الأثر في رسم الانطباع الأوّل عن هذه الشخصيّة المتواضعة خلقًا والكبيرة علمًا.

وأخذَ الحرز بهم جولةٍ تعريفيّة حول أرجاء المكتبة وأقسامها، بدءًا من المتحف، مرورًا بقاعة أرسطو، ثم قاعة أفلاطون، وانتهاءً بقاعة سقراط، حيث تضم المكتبة متحفًا وثلاث قاعات مليئة بخزائن الكتب والفكر.

وبعد الجولة التعريفية جلسَ الطلاب مع الحرز في جلسة نقاشيّة تخللتها أسئلةٌ كثيرةٌ وُجِّهَتْ إليه وحواراتٌ تكتنزُ وعيًا ونباهةً.

وعبر الحرز عن سعادته بالاندهاش الأول الذي ارتسم على وجوه الطلاب عند دخولهم المكتبة، مبينًا أن الدهشة هي أوّل طرق المعرفة، وهي المحرّضة على الأسئلة.

وأضاف «نحن منذ طفولتنا نندهش فنسألُ أسئلةً كبيرةً، فلْنبدأ حواراتنا الآن من خلال أسئلتكم».

وتتالت الأسئلةُ حيث سأل أحد الطلاب عن سبب تسمية المكتبة بجدل

فردّ الحرز قائلاً: «إنّ مفهوم الجدل ورد في النصوص الدينيّة وهو يدعو إلى الحوار، وكذلك هو مفهوم فلسفيّ، ورد عند أفلاطون وأرسطو وهيجل في الديالكتيك؛ لذلك فمكتبة جدل هي تفتح باب الحوار كما نحن نتحاور اليوم.»

وبين الحرز أهمية الكتاب الورقي الذي يفوح شذاه في العقل أكثر من الكتاب الالكتروني إلا أنه أكد على أهمية القراءة بأي وسيلة متاحة.

وأرجع سبب تسميةُ القاعات الثلاث بأسماء ثلاثة فلاسفة من اليونان، لكون الفكر إنساني أوّلاً، موضحًا ثانيًا إنّ هؤلاء الثلاثة هم أقدم الفلاسفة الذين وردتنا أفكارهم، علمًا وأنّ الفلسفةَ تنشأ لدى الإنسان منذ كان السؤال، فتساؤلات الطفل مثلاً حول «أين الله؟ لماذا خُلقنا؟ هي أسئلةٌ تبحث عن الوجود وغاياته، ونحن نحملها منذ الصّغر، إلاّ أنّ هناك من يتعمّق في الفلسفة فيغدو فيلسوفًا كبيرًا، وهؤلاء الفلاسفة الثلاثة الذين ذكرتَهم هم آباء الفلسفة القدماء.»

وذكر سبب تسمية نفسه بالببلوماني يعود لكونه ”مهووس“ بالكتاب، مضيفا «فالببلوماني من يعشق الكتاب حد الجنون؛ ليقرأَهُ لا ليصفه في رفوف المكتبة؛ ولهذا السبب فأنا ببلوماني! وأرجو ألاّ أُشفَى من ذلك!».

وقال بأن المثقّف لا يسمى كذلك نسبة لعدد الكتب الكثيرة التي قرأها، بل بمستوى الوعي الذي يمتلكه، مشيرا إلى معرفته بشاب صغير مازالَ في أولى سنواته الجامعية، يمتلك من الثقافة ما ليس عند بعض الكبار الذين قرؤوا كثيرًا.

وأكد على أن القراءة لابد لها من وعي وإدراك وعقليّة وقادة تساندها.

وتوالت الأسئلة الكثيرة، واستمرّ الحوار قرابة الساعتين، أجاب فيها الحرز عن بداياتِه المعرفيّة، وعلاقته بالكتاب، والمعوّقات التي اعترضته في هذا الطريق، والرغبة التي يتطلّع إليها، وأبرز المؤلفات أو الاتجاهات الفكرية التي يميل إليها، وإلامَ يهدف في المستقبل، وكيف هي نظرته لحالة القرّاء في المنطقة؟ وغيرها من الأسئلة والحوارات المتنوّعة التي تكشف عن نَهم الطلاب المعرفيّ.

وبعد هذا الحوار الشيّق قام الحرز بعرضِ بعض نماذج المخطوطات، ثمّ أخذ بتعريفهم بالسجلّ التوثيقيّ الذي عُنيَ به عنايةً كبيرةً، وأخذ من وقته الكثير، حيثُ إنّ مكتبةَ جدل تحوي أرشيفًا لكلّ ما كُتب حول المنطقة «القطيف خصوصًا» وشخصياتها، ويُعدّ هذا الأرشيف من النوادر التي قلّ وجودُها إلاّ أنّ «جدله» تؤمن بالغيريّة؛ لذلك هي مختلفة.

وقبل توديع جدل الحرز، أُخذت الصور التذكاريّة، مع علي الحرز، واستمتع الطلاب بتصوير بعض محتويات المكتبة.

وقدّمَ الطلاب أكاليل الشكرِ الجزيل للحرز على استضافته الكريمة، ورحابة صدره، وكرمِ ضيافته، وتقبّله للتحاور المشوّق.

وبدورها أثنتْ مدرسة القطيف الثانويّة على الجهود المعرفيّة والثقافيّة للأستاذ الحرز؛ لما يقدمه لهذا الجيل الواعد من دروسٍ عمليّةٍ في مجال القراءة والفكر، سائلين المولى جل شأنه أن يزيده خيرًا وبركةً وأنْ ينفع بعلمه وعطائه الطامحين.